والثاني: أنه بمعنى الجميع، وقد أثبته جماعة وصوبوه، وإليه ذهب الجوهري الجواليقي، وحققه ابن بري في حواشي الدرة، وأنشد عليه شواهد كثيرة وأدلة ظاهرة، وانتصر لهم الشيخ النووي في مواضع من مصنفاته، وسبقهم إمام العربية أبو علي الفارسي، ونقله بعض عن تلميذه ابن جني. واختلفوا في الاشتقاق: فقيل: من السير، وهو مذهب الجوهري والفارسي ومن وافقهما، أو من السور المحيط بالبلد، كما قاله آخرون، ولا تناقض في كلام المصنف ولا تنافي، كما زعمه بعض المحشين، وأشار له شيخنا في شرحه، وأوسع القول فيه في شرحه على درة الغواص، فرحمه اللَّه تعالى، وجزاه عنا خيرًا. ثم إن المصنف ذكر للقول الثاني شاهدًا ومثلين كالمنتصر له، فقال: (ومنه قول الأحوص) الشاعر: فجلتها لنا لبابة لما ... وقذ النوم سائر الحراس وكذا قول الشاعر: ألزم العالمون حبك طرًا ... فهو فرض في سائر الأديان فالسائر فيهما بمعنى الجميع، ومن الغريب ما نقله شيخنا عن السيد في شرح السقط أنه زعم أن النحويين اشترطوا في (سائر) أنها لا تضاف إلا إلى شيء قد تقدم ذكر بعضه، نحو: (رأيت فرسك وسائر الخيل)، دون: (رأيت حمارك)؛ لعدم تقدم ما يدل على الخيل. (وضاف أعرابي قومًا فأمروا الجارية بتطييبه، فقال: بطني عطري، وسائري ذري)، وهو من أمثالهم المشهورة، ومعنى سائري، أي: جميعي. (و) من المجاز: (أغير على قوم فاستصرخوا بني عمهم)، أي: استنصروهم، (فأبطؤوا عنه حتى أسروا)، وأخذوا (وذهب بهم، ثم جاؤوا)، أي: بنو العم (يسألون عنهم، فقال لهم المسؤول هذا القول الذي ذهب مثلًا: (أسائر اليوم، وقد زال الظهر). قال الزمخشري: يضرب لما يرجى نيله وفات وقته، (أي: أتطمعون فيما بعد، وقد تبين لكم اليأس؛ لأن من كانت حاجته اليوم بأسره وقد زال الظهر وجب أن ييأس كما ييأس منها بالغروب)، وذكره الجوهري مبسوطًا في (س ي ر) ". (١) هو: سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري الخزرجي، أبو سعيد، (١٠ ق هـ - ٧٤ هـ = ٦١٣ - ٦٩٣ م): صحابي، كان من ملازمي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وروى عنه أحاديث كثيرة، غزا اثنتي عشرة غزوة، وله ١١٧٠ حديثًا، توفي في المدينة. ينظر: الأعلام (٣/ ٨٧).