قال: وهل يشترط في الرائي التمييز، حتى لا يدخل من رآه، وهو لا يعقل، والأطفال الذين حنكهم ولم يروه بعد التمييز، أو لا يشترط، لم يذكروه أيضًا، إلا أن العلائي قال في المراسيل: عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل حنكه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ودعا له، ولا صحبة له، بل ولا رؤية أيضًا، وكذا قال في عبد اللَّه بن أبي طلحة الأنصاري حنكه ودعا له، وما تعرف له رؤية، بل هو تابعي. وقال في النكت: ظاهر كلام الأئمة: ابن معين، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وأبي داود، وغيرهم: اشتراطه؛ فإنهم لم يثبتوا الصحبة لأطفال حنكهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو مسح وجوههم، أو تفل في أفواههم، كـ: محمد بن حاطب، وعبد الرحمن بن عثمان التميمي، وعبيد اللَّه بن معمر، ونحوهم. قال: ولا يشترط البلوغ على الصحيح، وإلا لخرج من أجمع على عده في الصحابة، كـ: الحسن، والحسين، وابن الزبير، ونحوهم. قال: والظاهر اشتراط رؤيته في عالم الشهادة، فلا يطلق اسم الصحبة على من رآه من الملائكة والنبيين. قال: وقد استشكل ابن الأثير مؤمني الجن في الصحابة دون من رآه من الملائكة، وهم أولى بالذكر من هؤلاء. قال: وليس كما زعم؛ لأن الجن من جملة المكلفين، الذين شملتهم الرسالة والبعثة، فكان ذكر من عرف اسمه ممن رآه حسنًا، بخلاف الملائكة. قال: وإذا نزل عيسى -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحكم بشرعه، فهل يطلق عليه اسم الصحبة؛ لأنه ثبت أنه رآه في الأرض، الظاهر: نعم. انتهى. وعن أصحاب الأصول أو بعضهم: أنه من طالت مجالسته له على طريق التبع له، والأخذ عنه، بخلاف من وفد عليه، وانصرف بلا مصاحبة ولا متابعة. قالوا: وذلك معنى الصحابي لغة. ورد بإجماع أهل اللغة على أنه مشتق من الصحبة، لا من قدر منها مخصوص، وذلك يطلق على كل من صحب غيره قليلًا كان أو كثيرًا، يقال: صحبت فلانًا حولًا وشهرًا ويومًا وساعة. وقول المصنف: أو بعضهم من زيادته؛ لأن كثيرًا منهم موافقون لما تقدم نقله عن أهل الحديث، وصححه الآمدي وابن الحاجب، وعن بعض أهل الحديث موافقة ما ذكر عن أهل الأصول: لما رواه ابن سعد بسند جيد في الطبقات عن علي بن محمد عن شعبة عن موسى السيلاني قال: أتيت أنس بن مالك فقلت له: أنت آخر من بقي =