(١) قال الصولي في أدب الكتاب: "حدثنا زياد بن الخليل التستر، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثني عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن عبد العزيز، عن عمر، عن أبيه، عن أبي سلمة، قال: "أول من قال أما بعد كعب بن لؤي. وكان أول من سمى الجمعة وكانت تسمى العروبة". ويروى أن أول من قال: أما بعد، داود النبي -عليه السلام- وأن ذلك فصل الخطاب، الذي قال اللَّه -عز وجل-: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}. حدثنا زياد بن الخليل قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحراني، قال: حدثني عبد العزيز بن عمران، عن أبي الزناد، عن أبيه، عن بلال بن أبي بردة، عن أمه، عن جده أبي موسى، أنه قال ذلك. وقال الشعبي: فصل الخطاب الذي أعطيه داود -عليه السلام-: "أما بعد". فمعنى فصل الخطاب، على هذا، أنه إنما يكون بعد حمد اللَّه، أو بعد الدعاء، أو بعد قولهم: من فلان إلى فلان، فينفصل بها بين الخطاب المتقدم وبين الخطاب الذي يجيء بعد. ولا تقع إلا ما ذكرناه؛ ألا ترى قول سابق البربري لعمر بن عبد العزيز: باسم الذي أنزلت من عنده السور ... الحمد للَّه أما بعد يا عمر فإن رضيت بما تأتي وما تذر ... فكن على حذر قد ينفع الحذر والمعنى في أنها لا تقع مبتدأة، أن المراد بها أما بعد هذا الكلام، يعني الذي تقدم فإن الخبر كذا وكذا، وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كتب إلى بني أسد: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من محمد رسول اللَّه إلى بني أسد، سلام عليكم، فإني أحمد اللَّه إليكم الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فلا تقربن مياه طيء، ولا أرضهم؛ فإنه لا يحل لكم". فإذا كتب كاتب: بسم اللَّه الرحمن الرحيم أما بعد فقد كان كذا وكذا، فمعناه: أما بعد قولنا بسم اللَّه، فقد كان كذا وكذا وأنه قد كان. فإنها لا تقع إلا بعد ما ذكرناه. ولا بد من مجيء الفاء بعد أما؛ لأن أما لا عمل لها إلا اقتضاء الفاء واكتسابها، فإن الفاء تصل بعض الكلام ببعض، وصلًا لا انفصال بينه ولا مهلة فيه، ولما كانت أما فاصلة، أتيت بالفاء لترد الكلام على أوله، وليست تدل الفاء على تأخير متقدم، ولا تقديم مؤخر، ولا يستوي معناهما فيها ولا معها. (٢) هو الزجاجي: عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي، أبو القاسم، (٠٠٠ - ٣٣٧ هـ =٠٠٠ - ٩٤٩ م): شيخ العربية في عصره. ولد في نهاوند، ونشأ في بغداد، وسكن دمشق =