للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول أبي الحسن الصغير: (يريد بموضع ذكاتها حلقها، وموضع الذكاة من غيرها) خلافه قول القرافي فرصفتها: أن يمسك برأسها وذنبها من غير عنف وتثنى على مسمار مضروب في لوح، ثم تضرب بآلة حادة رزينه في حد الرقيق من رقبتها وذنبها من الغليظ الذي هو وسطها، ويقطع جميع ذلك في فور واحد بضربة واحدة، فمتى بقيت جلدة يسيرة فسدت وقتلت أكلها بواسطة جريان السم من رأسها وذنبها في جسمها بسبب غضبها، وهذا معنى قول مالك: "موضع ذكاتها".

ومن المباح خشاش أرض مثلث الأول، كعقرب وخنفسًا ونمل ودود، وإضافته للأرض لأنه لا يخرج إلا منها، ويبادر في رجوعه إليها.

تنبيه: أطلق في الإباحة، وقيد في الواضحة بالحاجة وقول المدونة: "لا بأس بأكل خشاش الأرض وهوامها" محتمل للإباحة والكراهة: ومن المباح عصير وهو ماء العنب ونقاع وهو نقيع الزبيب والتمر حتى ينحل وسوبيا، قال في المعونة: "تعمل بمصر لا تعرف عندنا ولا بسائر العراق". وعقيد وهو ما غلا من العصير حتى انعقد، وفي المعونة: "أن يطبخ رب العنب والتمر حتى يذهب أكثره ويثخن حتى يمزج بالماء ويشرب". أمن سكره، قيد في المسائل الأربع وحذفه من الثلاثة الأول لدلالة هذا الأخير عليه. ولما قدم ما يباح مطلقًا ذكر ما يباح للضرورة فقط مما هو حرام في غيرها.

فقال: وأبيح للضرورة تناول ما يسد الرمق فقط من الميتة، فلا يشبع منها، وهو قول مالك وابن الماجشون وغيرهما.

وفسر الضرورة في الجواهر بأنها خوف الهلاك على النفس، ولا يشترط الإشراف على الموت؛ لأن الأكل حينئذ لا يفيد، وفي الرسالة: إنه يشبع ويتزود، وبه قال سحنون والأكثر، وشهره الفاكهاني (١).


(١) قلت: والصواب ما عليه مالك وابن الماجشون؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>