ولما تكلم على ما إذا كان الثمنان مثليين شرع فيما إذا كانا مقومين، فقال: وإن باع مقوما كغرس أو ثوب لشهر فمثله فرس آخر أو ثوب يشتريه منه نقدًا أو مؤجلًا للأجل أو دونه أو أبعد منه بمثل الثمن أو أقل أو أكثر كغيره من غير جنسه في أنه لا منع في حورة من الصور كلها، وهو الأصح ومذهب المدونة؛ لأن ذوات القيم لا يقوم المثلي فيها مقام مثله.
وقوله: كتغيرها، أي: العين المقومة، كالفرس أو نحوها، إذا باعها لأجل وتغيرت عند المشتري تغيرًا كثيرًا بعور أو عرج مثلًا أو قطع، مما يعلم أنهما لم يتعمدا معه الفسخ، ثم ابتاعها بائعها نقدًا أو للأجل الأول أو دونه أو أبعد منه بمثل الثمن الأول أو أقل وأكثر، فهي اثنتا عشرة صورة، وكلها جائزة.
ولما قدم ما إذا كان البيع والشراء في متحد وهو عين الأول أو مثله، ذكر ما إذا تعدد واشتري بعضه، فقال: وإن اشترى أحد ثوبيه اللذين باعهما بمائة لشهر لأبعد من الشهر امتنع مطلقًا، كان الثمن الأول مساويًا للثاني أو أقل منه أو أكثر؛ لما في بيعه بمثل الثمن من سلف جر نفعًا، وهو رجوع ثوبيه إليه، وخرج من يده ثوب على أن يسلفه المشتري مائة الآن، ويأخذ عنها بعد الشهر مائة، والثوب زائد، وفي الصورتين الباقيتين بيع وسلف، أو كان ثمن المبيع الثاني أقل من الثمن الأول نقدًا، يريد ولدون الأجل، امتنع كما لو باعها بمائة لشهر ثم اشترى أحدهما بخمسين نقدًا ولدون الأجل؛ لما فيه من البيع والسلف، فهذه خمس صور ممتنعة.
ومفهوم (أقل نقدًا) أنه لو كان أقل للأجل لجاز، وهو كذلك، لا إن اشترى أحدهما بمثله، أي: الثمن الأول نقدًا أو لدون الأجل أو للأجل أو أبعد أو أكثر من الثمن الأول نقدًا أو لدون الأجل أو للأجل أو أبعد منه، وهي ثمانية يخرج منهما صورتا الأبعد؛ لدخولهما في الإطلاق السابق، يبقى الستة الجائزة أيضًا يضاف إليها صور مفهوم (نقدًا)، الذي قدمناه، وتلك اثنتا عشرة صورة.