للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦ - أم هو كثرة القائلين.

٧ - أم هو الراجح في المسألة؟

هذا فضلًا عن مشكلة أخرى، وهي مشكلة المصطلح من حيث فهمه، وتحديد المراد منه، فأحيانًا تجد نصًا لبيان معنى مفهوم ما، يكون حمال أوجه، كما في النص الذي سقته عنهم في بيان المشهور، ويؤكد هذا ما تجده في شروح المدونة من آراء متباينة في تحديد معنى نص ما، وذلك لاختلاف المنحى والنظر، فبعض شيوخ المدونة يأخذ بظاهرها، وبعضهم الآخر يؤوله.

وبناءً على قول أولئك الناس في عدم اعتماد "جواهر الدرر" نقول لهم: إذا اخترنا مثلًا للدليل القاطع الرأي الثالث أو الرابع سقط تشهير الأندلسيين والمغاربة جملة؛ لأن قول ابن القاسم وحده دون غيره من أصحاب مالك، وتقييد قوله بما في المدونة دون قوله في سواها، يعارض مفهوم المشهور نفسه من حيث اللغة، ومن حيث المذهب أجمع، كما أنه لا يخلو من مقال في ميزان الاعتدال؛ إذ إنه لا يستقيم ومنطق الأمور؛ فأتباع مالك من المتخرجين في مدرسته كثر، وقد تفرقوا في الأمصار والأقطار، فضلًا عن أصحابه من أهل المدينة، الذين ظلوا بها، وورثوا فقه أهلها في كل سكناتهم وحركاتهم، ولازموا مالكًا ولم يفارقوه، ليسوا أقل شأنًا من ابن القاسم، وما أحد من هؤلاء بحجة على الآخر إلا بقدر ما معه من الحجة البينة، فبمثل ذلك أبي مالك أن يفرض أبو جعفر المنصور موطأه على الناس؛ لأنه رأى -رحمه اللَّه تعالى- في ذلك تضييقا عليهم، وإلزامًا لهم بما لا يلزم شرعًا، والحق ليس محصورًا في الموطأ، إذ هو عمل إنسان، وإن كان هذا الإنسان قد أوتي من العلم والفهم ما لم يؤته غيره في زمانه، والذي يصدق على الموطأ عند مالك يصدق عندنا على المدونة.

وتقدمُ ابنِ القاسم على سائر أصحاب مالك علمًا وفقهًا وإتقانًا أمرٌ غير متفق عليه عند أرباب المذهب، فقد قال ابن عبد البر في الانتقاء ص ٥٢: "نا إبراهيم بن شاكر -رحمه اللَّه- قال: نا عبد اللَّه بن عثمان، قال: نا سعد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>