للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معاذ، قال: سمعت محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم يقول: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة.

وني أحمد بن عبد اللَّه بن محمد بن علي، عن أبيه، أنه ذكر قول محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم لمحمد بن عمر بن لبابة، فقال: ليس هذا عندنا كما قاله محمد، وإنما قاله لأن أشهب شيخه ومعلمه.

قال أبو عمر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه، وهو أعلم بهما؛ لكثرة مجالسته لهما، وأخذه عنهما".

وهذا إقرار بيِّن من حافظ أهل المغرب بل وأهل الإسلام قاطبة في زمانه لرأي محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم.

والعجب العجاب أنك قد ترى مالكًا وجميع أصحابه على أمر، ويكون ابن القاسم وحده في المدونة على خلافه، ويجعل ما عليه ابن القاسم هو المشهور، وذلك واقع، ومثاله: مسألة ما ينقل الضمان في غير الفاسد والخيار من استثناء السلعة المحبوسة للثمن قال بائعها: لا أسلمها حتى أقبض ثمنها، فعلى مذهب ابن القاسم يكون ضمانها كالرهن، يفرق فيه بين ما يغاب عليه فيضمنه البائع، ولا يضمن غيره، وخالفه مالك في أحد قوليه وجميع أصحابه، وقد جعل قول ابن القاسم هنا هو المشهور؛ لوروده في المدونة.

وعلى هذا فإن حصر المذهب في هذا المشهور الذي لا مستند له من الشرع سوى الثقة بابن القاسم، وصحة ما في المدونة عنه سندًا ومتنًا (١)،


(١) بل إن بعضهم قد جعل المشهور ما في المدونة مطلقًا، سواء كان عن ابن القاسم أو عن غيره، فلم يعتبر حيثية ابن القاسم، بل اعتبر حيثية المدونة، ففي الطُّرَرِ على التَّهذيب لأبِي الحسن الطَّنْجِيِّ -كما في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإِمام مالك (١/ ٧١): "قالوا: قولُ مالكٍ فِي المدوَّنةِ أَولى من قولِ ابنِ القاسم فيها؛ فإِنه الإمامُ الأَعظمُ.
وقولُ ابنِ القاسمِ فيها أَولى من قولِ غيرِه فيها؛ لأَنه أَعلمُ بمذهبِ مالكٍ.
وقولُ غيره فيها أَولى من قولِ ابنِ القاسمِ في غيرها، وذلكَ لصحتها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>