وأما ما تقوى فيه الحاجة إلى التأول حتى لا يعرف المقصود من التشبيه فيه ببديهة السماع فنحو قول كعب الاشقري وقد أوفده المهلب على الحجاج فوصف له بنيه وذكر مكانهم من الفضل والبأس فسأله في آخر القصة قال فكيف كان بنو المهلب فيهم قال كانوا حماة السرح نهارًا فإذا أليلوا ففرسان البيات قال فأيهم كان أنجد قال كانوا كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها فهذا كما ترى ظاهر الأمر في فقرة إلى فضل الرفق به والنظر ألا ترى أنه لا يفهمه حق فهمه إلا من له ذهن ونظر يرتفع به عن طبقة العامة وليس كذلك تشبيه الحجة بالشمس فإنه كالمشترك البين الاشتراك حتى يستوي في معرفته اللبيب اليقظ والمضعوف المغفل، وهكذا تشبيه الألفاظ بما ذكرت قد تجده في كلام العامي فأما ما كان مذهبه اللطف مذهب قوله هم كالحلقة فلا تراه إلا في الآداب والحكم المأثورة عن الفضلاء وذوى العقول الكاملة الفرق بين التشبيه والتمثيل، وإذ قد عرفت الفرق بين الضربين فاعلم أن التشبيه عام والتمثيل أخص منه فكل تمثيل تشبيه وليس كل تشبيه تمثيلًا فأنت تقول في قول قيس ابن الخطيم: وقد لاح في الصبح الثريا لمن رأى ... كعنقود ملاحية حين نورا أنه تشبيه حسن ولا تقول هو تمثيل وكذلك تقول ابن المعتز حسن التشبيهات بديعها لأنك تعنى تشبيهه المبصرات بعضها ببعض وكل ما لا يوجد التشبيه فيه من طريق التأول كقوله: كان عيون النرجس الغض حولها ... مداهن در حشوهن عقيق وقوله: =