للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ويجوز رهن المكاتب")، أجابه بعض شيوخنا من طلبته (١)، بأنه لما كان كلامه في بيان من يرهن وما يرهن، ومن جملته المكاتب والكتابة، والمكاتب لا يباع، والكتابة تباع، استغنى عن المكاتب بما يشبهه في الحكم، وهو الآبق والكتابة، لم يتقدم عليها ما يغنى عنها، حسن ذكرها دونه لهذا، ولأنه ذكر المكاتب في أمثلة من له الرهن، فلو ذكره ثانيًا في أمثلة ما يرهن لتوهم من لا تأمل له أنه تكرار.

وللسيد رهن خدمة مدبر جميعها أو بعضها في دين عليه، ويستوفي المرتهن حقه منه إن أمكن؛ لأنه لا يباع، فإن لم يمكن لفلس السيد أو موته قبل الاستيفاء استوفى من ماله، وإن لم يكن له مال غير المدبر ورق جزء فمنه، أي: يستوفى من ذلك الجزء، وكذا إن رق جميعه، لا رهن رقبته على أن تباع الآن لم يجز، فإن وقع ذلك فاختلف: وهل ينتقل الرهن لخدمته ويباع للمرتهن وقتا بعد وقت حسب ما يجوز له من بيعها، أو لا ينتقل؛ لأنه إنما رهن رقبته؟ قولان بغير ترجيح، كظهور حبس دار رهنت على أنها مملوكة، فثبت أنها محبسة على من رهنها، فقيل: لا يعود حقه إلى المنفعة؛ لأنه إنما رهنه الرقبة.

وقيل: إن الرهن يتعلق بمنفعهتا وكرائها؛ لأن المنفعة كجزء منها، يجوز رهنه وبيعه؛ فلا يبطل هذا الجزء ببطلان ما أخذ منه، وحكى المصنف القولين في توضيحه، وهو ظاهر إن ثبت تحبيسها على الرهن، وأما على غيره فلا؛ إذ لا حق له فيها.

ويجوز رهن ما لم يبد صلاحه من تمر أو زرع على المشهور، ولا يصح بيعه الآن، فإذا مات الراهن أو فلس ولا مال له انتظر بدو صلاحه؛ ليباع حينئذ، ثم إن كان له مال فمنه؛ لأن الدين في ذمته، وإن كان عليه دين لغير هذا المرتهن، وماله لا يفي بديونه حاص مرتهنه، أي: مرتهن ما لم يبد صلاحه غرماء الراهن في ذلك المال بجميع دينه بقدر ديونهم في


(١) يعني: السنهوري، أو القلتادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>