قال بعضهم: قلت: وفيه نظر، بل الجاري على المذهب أنه المختار؛ لقولهم في الرعاف: إذا لم يرج انقطاع الدم قبل خروجه المختار صلى على حالته، ويكون عاجزًا، فإذا كان يبتدأ بها بالنجاسة إذا خاف خروج الوقت فأولى أن يتمادى فيها كذلك. ابن هارون: ولا يختلفون في التمادي مع ضيقه؛ لأن المحافظة عليه أولى من المحافظة عليها، وعليه لو خشي فوات الجمعة والجنازة والعيد تمادى؛ لعدم قضائها، وفي الجمعة نظر على بدليتها عن الظهر، ورجح منه القطع. انتهى. قلت: وما ذكره من أن المعتبر هنا الوقت الاختياري هو الموافق لما مشى عليه المص في باب الرعاف، ورجح غيره القول بأن المعتبر هناك الوقت الضروري، وقد وقع نظير هذا في العفو عن الدرهم من الدم ونحوه، فمشي في باب الرعاف على أن الدرهم من حيز اليسير، ومشى هنا على أنه من حيز الكثير، ثم إن مثل العيد في التمادي الكسوف والاستسقاء. وأفهم كلام المص أن من ذكر النجاسة فهمَّ بالقطع فنسي وتمادى أن صلاته باطلة، وهو الأصح، خلافًا لابن العربي، وأن من رأى بعد رفعه من السجود نجاسة بمحل سجوده أنه يقطع، وبه قال ابن عرفة؛ لقولها: من علم في صلاته أنه استدبر القبلة أو شرق أو غرب قطع وابتدأ صلاته بإقامة، وإن علم بعد صلاته إجماد في الوقت. وقال غير ابن عرفة: يتم صلاته متنحيًا عنها، وإن من رأى في صلاته بهامته نجاسة بعد سقوطها يقطع، وهو الجاري على المشهور ومختار ابن عرفة، خلافًا لما ذهب إليه بعض متأخري فقهاء القراء من بين التمادي والإعادة في الوقت. انتهى. قلت: ومبنى الخلاف في مسألة من رأى بموضع سجوده نجاسة بعد رفعه هل لا بد أن يصحب علمه بالنجاسة التلبس بها أم لا؟ فابن عرفة على الثاني، وغيره على الأول. تنبيهات: الأول: ما ذكرناه من أنه إذا خاف من سقطت عليه النجاسة أو ذكرها خروج الوقت الذي هو فيه، ثم إنه إذا كان في المختار على ما بحثه بعضهم فإنه يتمادى واضح فيمن كان في الوقت المختار، وأما من كان غيره فيتعين مراعاة خروجه، والحاصل: أنه يتمادى حيث خاف خروج الوقت الذي هو فيه، ثم إنه إذا كان في المختار وخاف خروجه وتمادى فهل يعيدها بمنزلة من ذكرها بعد الصلاة أم لا؟ وإذا قلنا بالأول فيعيد =