وبهذا التقرير يندفع كلام الأجهوري السابق، وكذلك كلام الرماصي الآتي، وقد انتبه الرماصي آخرًا لهذا الذي رأيته، فقال: تت: (ومفهوم دون الدرهم لا يعفى عنه. . إلى آخر) قوله هنا (اتفاقًا)، أي: عند ابن بشير، وعلى المشهور عند ابن سابق، وهو أيضًا في عهدته؟ إذ لم أر من شهره، وما ذكره ابن سابق روايتين [كذا في الرماصي، وهو لحن والصواب: روايتان] من غير ترجيح، وقد علمت أن الراجح عند بعضهم أن الدرهم من حيز الكثير؛ إذ هو الذي اقتصر عليه في الإرشاد، ورواه ابن زياد، وقاله ابن عبد الحكم. فكلام تت متعقب في الموضعين، والظاهر: أن تعبيره بالمشهور وقوفًا على مجرد كلام المؤلف، وتبع البساطي؛ فإنه قال: المصنف شهر أحد القولين، ومراده باعتبار اقتصاره عليه؛ إذ لم يذكر في توضيحه في ذلك تشهير. قلت: وقد صرح الدسوقي وعليش بما نص عليه التتائي، فلعله رأى صواب ما قاله، أو تبعه مجرد اتباع، فقال الدسوقي (١/ ٧٢ - ٧٣): "اعلم أن المسألة فيها ثلاث طرق: الأولى: طريقة ابن سابق، وهي: أن ما دون الدرهم يعفى عنه اتفاقًا، وما فوقه لا يعفى عنه اتفاقًا، وفي الدرهم روايتان: والمشهور عدم العفو. والثانية: لابن بشير: ما دون الدرهم يعفى عنه على المشهور، والدرهم وما فوقه لا يعفى عنه اتفاقًا؛ لأنه يقول: اليسير قدر رأس الخنصر، والدرهم كثير. والثالثة: ما رواه ابن زياد وقاله ابن عبد الحكم واقتصر عليه في الإرشاد: أن الدرهم من حيز اليسير، وهذا هو الراجح، وهذا كله من دم غير أثر دمل، وأما أثره فيعفى عنه مطلقًا قل أو كثر، إذا لم ينك، فإن نكي عفي عما قل فقط، كما يأتي". وكذا قال عليش في المنح (١/ ١١٢ - ١١٣): "ومفهوم دون درهم أن الدرهم لا يعفى عنه، وهي طريقة ابن سابق: أن دون الدرهم يعفى عنه اتفاقًا، والزائد عليه لا يعفى عنه اتفاقًا، وفي الدرهم روايتان: مشهورهما عدمه، والمعتمد العفو عنه، لا عما زاد عليه، ولو أثرًا، وهي رواية ابن زياد، وقول ابن عبد الحكم: واقتصر عليه في الإرشاد. وطريقة ابن بشير أن اليسير قدر رأس الأصبع الخنصر، وما زاد عليه ولم يبلغ درهمًا يعفى عنه على المشهور، والدرهم وما فوقه لا يعفى عنه اتفاقًا. وقال الباجي: الأثر يعفى عنه، ولو زاد على درهم. وضعف".