للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما نحن وهم إلا كما قال جرير:

وابن اللبون إذا ما لز في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس

هذا أولًا.

وأما ثانيًا، فإن العراقيين والمغاربة يختلفون أيضًا في التشهير، وما يركن إليه أهل المذهب في العصور المتأخرة من تشهيرهم هو تشهير المغاربة، ومقتضى ذلك يكون تشهير أصحابنا العراقيين غير معتبر ويجب طرحه، وزجر من يذهب إليه ويأخذ به في حال اختلاف تشهيرهم وتشهير المغاربة؛ إذ يقول صاحب نظم المعتمد:

ورجحوا ما شهر المغاربة ... والشمس بالعراق ليست غاربة

على الرغم مما في هذا الترجيح المطلق من إجحاف؛ لأن مستند المغاربة أو العراقيين قد يختلف في بعض المسائل باختلاف اختيار إحدى تلك الآراء السبعة، مثلما رأينا من مخالفة ابن القاسم في المسائل المشار إليها آنفًا، بل إن المتأخرين من الأندلسيين والمغاربة قد هجروا القول بأن المشهور ما قاله ابن القاسم في المدونة (١)، وبعض المتأخرين من العراقيين يذهب إلى أن المشهور هو ما عليه المغاربة قديمًا (٢)، فلا بد -والحالة هذه


(١) دليل ذلك ما قاله ابن فرحون في "كشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب"، ص ٦٩ - ٧٠: "وأما ما اختلف فيه التشهير بين المغاربة كاللخمي، وابن محرز، وابن أبي زيد، وابن اللباد، أو الباجي، وابن عبد البر، وابن رشد، وابن العربي، أو القاضي عياض، والقاضي سند، من المصريين وغيرهم ممن يعين المشهور ويخالفه غيره فيه، فهذا محل اجتهاد الفقيه، فإذا وجد الطالب اختلافًا بين أئمة المذهب في الأصح من القولين، ولم يكن أهلًا للترجيح بالدليل، فينبغي أن يفزع في الترجيح إلى صفاتهم الموجبة لزيادة الثقة بهم وبرأيهم، فيعمل بقول الأكثر والأورع والأعلم، فإذا اختص واحد منهم بصفة أخرى قدم الذي هو أحرى منهما بالإصابة، فالأعلم الورع مقدم على الأورع العالم، واعتبر ذلك في هذا كما اعتبروا في الترجيح عند تعارض الأخبار صفات رواتها".
(٢) قال أبو الفضل عياض -رحمه اللَّه تعالى- في ترتيب المدارك (٣/ ٢٣٢): "وقال ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>