للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- من النظر في المسألة محل الاختلاف في التشهير بحصر الرواة، وترجيح أحد التشهيرين بناءً على ذلك، وفق ما يقتضيه الدليل، هذا هو العدل والإنصاف.

وأما ثالثًا: فإن المرء أحيانًا يتبنى رأيًا من هذه الآراء الثلاثة، ثم يعتريه طارئ فيختار في مسألة ما الرأي الآخر، أو يأخذ بتشهير ابن بزيزة مثلًا في مسألة، ثم يتركه لتشهير ابن رشد، وهذا قد وقع مع الشيخ خليل نفسه في مصنفاته، إذ تجده -رحمه اللَّه تعالى- يختلف قوله في التشهير في بعض المسائل، فما يراه مشهورًا في "توضيحه" لا يراه كذلك في "مختصره"، بل إن منهجه في اختيار التشهير في المختصر متباين، فهو هنا في بعض الأحيان لا يأخذ بتشهير ابن رشد -وهو من هو- في مسألة ما، ويأخذ بتشهير من هو دونه، وفي أحيان لا يأخذ بتشهير من هو محل إجماع لدى المالكية حتى لقب بالإمام ألا وهو المازري، ويأخذ بتشهير غيره ممن لا يجاريه علمًا وفضلًا كابن الحاجب، على الرغم من أن المازري معروف عنه التزامه بالمشهور لدى المغاربة، ولم يخرج عنه في صغيرة ولا كبيرة؛ لأن هذا منهج عنده في الحفاظ على سلامة عبادة الناس ودينهم أولًا، والمذهب ثانيًا.

يقول الشاطبي مثنيًا عنه في الموافقات: "ويذكر عن الإمام المازري أنه سئل: ما تقول فيما اضطر الناس إليه في هذا الزمان -والضرورات تبيح المحظورات- من معاملة فقراء أهل البدو في سني الجدب؛ إذ يحتاجون إلى الطعام فيشترونه بالدين إلى الحصاد أو الجذاذ، فإذا حل الأجل قالوا لغرمائهم: ما عندنا إلا الطعام، فربما صدقوا في ذلك؛ فيضطر أرباب


= وهب لأبي ثابت: إن أردت هذا الشأن، يعني: فقه مالك، فعليك بابن القاسم، فإنه انفرد به وشغلنا بغيره. وبهذا الطريق رجح القاضي أبو محمد عبد الوهاب البغدادي مسائل المدونة لرواية سحنون لها عن ابن القاسم، وانفراد ابن القاسم بمالك وطول صحبته له، وأنه لم يخلط به غيره إلا في شيء يسير".

<<  <  ج: ص:  >  >>