للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقضي لتهاونه بصومه، فجعله من باب العقوبة، والأول أشبه؛ لأن الحصاة تشغل المعدة إشغالًا ما وتنقص كلب الجوع وصلة إيصال".

- وخالف كذلك المشهور الذي هو مذهب المدونة في القول بكراهة صلاة الفاضل على أهل الأهواء، رغم أن ظاهرها دلالته واضحة في القول بعدم الصلاة عليهم، والذهاب إلى تكفيرهم، ففيها (١/ ٢٥٨): "قلت: أرأيت قتلى الخوارج أيصلى عليهم أم لا؟ فقال، قال مالك في القدرية والإباضية: لا يصلى على موتاهم ولا يتبع جنائزهم ولا تعاد مرضاهم، فإذا قتلوا فذلك أحرى عندي أن لا يصلى عليهم".

وما يزيد ذلك جلاء في القول بكفرهم أن مذهبها جواز الصلاة خلف ولاة الظلم، وعدمه خلف ولاة أهل الأهواء، ففيها (١/ ١٧٦): "قلت: أفكان مالك يقول: تجزئنا الصلاة خلف هؤلاء الولاة والجمعة خلفهم؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا قومًا خوارج غلبوا أكان مالك يأمر بالصلاة خلفهم والجمعة خلفهم؟ قال: كان مالك يقول: إذا علمت أن الإمام من أهل الأهواء فلا تصل خلفه، ولا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء. قلت: أفسألته عن الحرورية؟ قال: ما اختلف يومئذ عندي أن الحرورية وغيرهم سواء".

قلت: ولا يجاب بتأويل سحنون أن ذلك أدب لهم، لأنا نقول: إن ظاهرها صريح في الحكم بكفرهم؛ لذا قال المواق في حل قول المصنف (ولا محكوم بكفره): "من المدونة قال مالك: لا يصلى على موتى القدرية"، هذا أولًّا.

وأما ثانيًا؛ فعن مالك نُقُولٌ تفيد الحكم بكفرهم، فتؤكد إبقاء المدونة على ظاهرها، قال في الشفا (٢/ ٢٧٣، وما بعدها): "وابن حبيب وغيره من أصحابنا يرى تكفيرهم وتكفير أمثالهم من الخوارج والقدرية والمرجئة، وقد روي أيضًا عن سحنون مثله فيمن قال: (ليس للَّه كلام) أنه كافر، واختلفت الروايات عن مالك فأطلق في رواية الشاميين أبي مسهر ومروان بن محمد الطاطري: الكفر عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>