للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها كذا، ولا يعلمه العلماء بعده، وهذا نادر الحصول جدًا، وهذا واقع في صغيره لوقوعه في كبيره أيضًا، وذلك كما في شرحه قول خليل عن وجوب الحج (لَا بِدَيْنٍ) قَال: "وظاهرُهُ كانت له جهةٌ وَفَّى منها ذلك الدَّيْنَ أَوْ لا، وهو كذلك باتِّفاق فِي الثَّانِي، وعلى المشهور في الأَوَّل".

قَالَ الرماصي: "وما ذكرَه من التَّشهير في عهدته؛ لم أَرَهُ لغيره" (١)، وقد قال من قبله شيخه وشيخ شيخه: "وفي كلام تت نظر" (٢).

قلت: ما شرح به التتائي هذه المسأله شرحها بنحوه الحطاب في دعوى الاتفاق على عدم الوجوب على من ليس له جهة وفاء، وخالفه فيما له جهة وفاء، فقال (٣): "يعني: أن من لا يمكنه الوصول إلى مكة إلا بأن يستدين مالًا في ذمته ولا جهة وفاء له فإن الحج لا يجب عليه لعدم استطاعته، وهذا متفق عليه.

وأما من له جهة وفاء فهو مستطيع إذا كان في تلك الجهة ما يمكنه به الوصول إلى مكة وقدر على بيع ذلك، أما إذا كان ماله في بلد بعيد لا يمكنه الوصول إليه فلا يلزمه أن يستدين الآن كما يفهم من كلام صاحب المدخل".

فلعل هذا هو المستند للأجهوري والخرشي والرماصي في إنكار دعوى المشهورية، ونصُّ ابن الحاج: "أمَّا الدَّيْنُ فإِذا لم يكن له جهة وفاء ولا يرجو ما يُوفي به فلا شك، وأمَّا غير ذلك ففيه خلاف" (٤).

وكأني بالتتائي قد تأثر بمنهج خليل في مسألة التشهير من أن ظاهر كلام الشيوخ الأعلام الثقات يفيد أن ما نصوا عليه وقالوا به هو المشهور، ثقة بهم، واعتمادًا عليهم، وإن كان هذا المنهج فيه بحث عندي، ومستنده


(١) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٢/ ٧).
(٢) ينظر: مواهب الأجهوري نسخة مركز جهاد الليبيين، لوحة ٤١٢، وشرح الخرشي (٢/ ٢٨٥).
(٣) مواهب الجليل (٣/ ٤٦٨).
(٤) السابق (٣/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>