للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك قول القرافي في الذخيرة (٣/ ١٧٨): "وإذا لم يكن له مال وبذل له لم يلزمه قبوله عند الجميع؛ لأن أسباب الوجوب لا يجب على أحد تحصيلها، وكذلك لو بذل له قرضا؛ لأن الدين يمنع الحج".

أو أنه اغتر بما في مقدمة الذخيرة (١/ ٣٧): "وأقدم المشهور على غيره من الأقوال ليستدل الفقيه بتقديمه على مشهوريته، إلا أن يتعذر ذلك لتساوي الأقوال، أو لوقوع الخلاف بين الأصحاب في المشهور اختلافًا على السواء، وهذا قليل في المذهب يعلم بقرينة البحث فيه".

فيكون ما أخذه التتائي من الذخيرة هو المشهور عنده، ظنًا منه -وفق منهجها- أن إعراضها عما زيد في الحطاب من تفصيل القول في جهة الوفاء غير معول عليه، فينتفي هنا سبب الاعتراض الذي بَنَى عليه من أنكر تشهيره، واللَّه -تعالى- أعلى وأعلم.

وعلى كل حال، فإني أرى أن اعتماد الكتب هو أمر استنسابي، ولا يعتمد على معايير واضحة، فانظر مثلًا إلى شروح الشيخ العلامة بهرام الثلاثة، إذ زُعم أن المعتمد منها هو الشرح الوسط، قال النابغة في نظمه للمعتمد:

واعتمدوا "بهرام" لكن في "الوسط". .. أَقْسَطَ في تحقيقه وما قَسَطْ

وانظر إلى ما قاله الحطاب في مواهبه (١)، وهو يتكلم عن شروح المختصر: "وقد اعتنى بحلِّ عبارته، وإِيضَاحِ إشَارَتِهِ، وتفكيكِ رموزه، واستخراجِ مُخَبَّآتِ كنوزه، وإبراز فَوَائِدِهِ، وتقييدِ شوارِده، تلميذُه العلَّامةُ الْهُمام، قاضي القضاة تاجُ الدين أبو البقاء بَهْرَامُ بن عبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عوضٍ الدميريُّ القاهريُّ -رحمه اللَّه- فشرحه ثلاثة شروح، صار بها غالبه في غاية البيان والوضوح، وَاشتهر منها الأَوْسَطُ غَايَةَ الاشْتِهَارِ، وَاشْتَغَلَ النَّاسُ بِهِ فِي سَائِرِ الأَقْطَارِ، مَعَ أَنَّ الشَّرْحَ الْأَصْغَرَ أَكْثَرُ تَحْقِيقًا".


(١) السابق (١/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>