للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا كان ما ذكره الحطاب صحيحًا -وهو كذلك؛ ثقة به- كان ينبغي أن يكون الشرح المعتمد هو الشرح الصغير، وأنت تلحظ من خلال كلام الحطاب أن سبب اعتماد الشرح الوسيط هو الاشتهار فقط، لا لأجل التحقيق والتدقيق، ولا نحو ذلك، وهذا يدلك على ما ذكرته آنفًا من أن مسألة الاعتماد لا تخضع لمعايير علمية معينة.

وأما القول بأن سبب عدم اعتماده هو كثرة أخطائه، وهو سبب يدل عليه أيضًا قول صاحب نظم المعتمد، فالجواب أنه ما من شرح على المختصر إلا وقد أُخذ عليه مآخذ عديدة، ابتداءً من شروح بهرام، وانتهاءً بآخر شرح.

بل إن العلماء قد أخذوا على مختصر خليل نفسه في نحو مائتي مسألة، قد أفردتها في كتابي "المؤاخذات على مختصر خليل"، عسى أن يخرج في العام القابل بمشيئة اللَّه تعالى، بعد حصر ما قال الشراح في تلك المواضع قدر المستطاع.

ومن جملة هذه المآخذ التي ذكروها على المختصر: اختلاف قوله في التشهير كما سبق أن علمت، ومخالفته ما كان قد شرطه على نفسه في مقدمته، فهل يكون مختصر خليل غير معتمد لأجل ذلك؟

ولا يقال اعتذارًا عن خليل: إنه لضيق المقام لأجل الاختصار اضطر إلى استعمال بعض العبارات الموهمة، حاله في ذلك حال الشاعر، يباح له ما لا يباح لغيره، لأنّا نقول: إن المؤاخذات التي أخذت عليه فيه لا مكان للاضطرار فيها.

وما يدل على أن الأخطاء الواردة في الكتب لا تصلح أن تكون معيارًا لجعل كتاب ما معتمدًا أو غير معتمد أنه مثلما عيب على التتائي من قبل ابن عاشر، والونكري، ومصطفى الرماصي، والخرشي، رأينا غيره من الشراح -دون استثناء- مَنْ عِيب عليه من هؤلاء أو غيرهم، والخرشي نفسه لم يسلم شرحه من ذلك؛ لأن الكتاب مهما بلغت إمامة صاحبه يظل نتاجًا بشريًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>