للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قابلًا للأخذ والرد، وقد قيل قديمًا: "لا يغني كتاب عن كتاب"، و"قد تجد في البحر ما لا تجد في النهر"، ولو أخذنا بردود العلماء بعضهم على بعض ما سلم لنا كتاب، ووقعنا في حيرة، فالبساطي رد على بهرام، والتتائي رد على البساطي، والأجهوري رد على التتائي في شرحه الكبير، وربما تطرق للصغير، وقد رد غير واحد على الأجهوري، فلم يُعتمد ما انفرد به هو في شرحه، قال النابغة الغلاوي:

بيان ما من كتب لا يعتمد ... ما انفردت بنقله طول الأمد

من ذلك الأجهوري مع أتباعه ... مع اطلاعه وطول باعه

وهكذا دواليك إلى آخر الشروح والحواشي والحواشي التي على الحواشي، كما هي السمة البارزة للعصر الوسيط من تاريخ أمتنا الإسلامية.

ثم إن ابن أبي زيد وهو الإمام المتفق على جلالته ونباهته، حتى لقب مالك الصغير، قد أُخذ عليه أخطاء عديدة في النقل والتشهير، فهذا ابن رشد يقول في البيان والتحصيل (٣/ ٤٠٧) في شرح قول مالك: (الحج كله في كتاب اللَّه تعالى والصلاة والزكاة ليس لها في كتاب اللَّه تفسير، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّن ذلك): "ويبين تأويلنا هذا ما في كتاب ابن المواز من قوله: وكذلك الحج والزكاة تدل وجوبهما في القرآن مجملًا، وبين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما أراد اللَّه منه وفسره، وقوله في الرواية أيضًا ليس لها ولم يقل لهما، وقد نقل ابن أبي زيد هذه الرواية بالمعنى على ظاهرها نقلًا غير صحيح، فقال فيها: الحج كله في كتاب اللَّه سبحانه، وأما الصلاة والزكاة فذلك مجمل فيه، ولهذا وشبهه رأى الفقهاء قراءة الأصول أولى من قراءة المختصرات والفروع"، فهل يقال لأجل ذلك: إن مختصر ابن أبي زيد غير معتمد.

وهذا الرماصي قد انتقده -أيضًا- لعدم التزامه بالمشهور، فقال في حاشيته على التتائي في الصلاة على القبر: "وأما قول الرسالة: (ومن دفن ولم يصل عليه وووري فإنه يصلى على قبره) فلا دليل فيه؛ لأنها لا تتقيد بالمشهور".

<<  <  ج: ص:  >  >>