للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان ذلك كذلك، ولعله كذلك؛ لأن معنى "ينتحل" في كلام العرب لفظ مشترك، يأتي بمعنى الديانة، كما تقول: فلان يَنْتَحِل كذا وكذا، أَي: يَدِينُ به، ويأتي بمعنى يدّعي ما لغيره لنفسه، من قولهم: انْتَحلَه وَتَنَحَّلَه، أي: ادَّعاهُ لنَفسِه وهو لغَيرِه، يقال: انْتَحلَ فلانٌ شِعرَ فلانٍ أو قَوْلَه: ادَّعاه أنّه قائلُه، وَتَنَحَّلَه: ادَّعاه وهو لغَيرِه، قال الأعشى:

فَكَيْفَ أنا وانتِحالي القَوا ... فِي بَعْدَ المَشيبِ كَفى ذاكَ عارا

وقيدَني الشِّعرُ في بَيْتِهِ ... كما قيدَ الآسراتِ الحِمارا

ولعل المعنيين مرادان، ولكن الأقرب للواقع هو الثاني؛ وعلى كلا الاحتمالين لا يعد التتائي مخطئًا؛ إذ المعنى الأول إن كان من التتائي لا يعد عيبًا، إلا إذا كان السجلماسي ممن يرى إغلاق باب الاجتهاد حتى داخل المذهب، ولئن سلمنا بأن المراد هو المعنى الثاني فالجواب عنه أن التتائي قد كان ينقل القول في "جواهر الدرر" من شرحه الكبير، ولا يعزوه في بعض الأحيان طلبًا للاختصار، اعتمادًا على عزو القول لصاحبه في الكبير واكتفاء به، كما في المواضع الآتية:

- قوله تحت قوله حادثة: "إذا فرعنا على المشهور فهل الثلاثة الأميال محسوبة من الثمانية والأربعين ميلًا، كما هو ظاهر كلامهم، أو غير محسوبة لأجل أنه لما حكم بأنه يتم فيها، فكأنها وطنه؟ ".

فهذا الكلام لابن ناجي، كما في الشرح الكبير، لوحة ١٤٢، وقد قال في الصغير عقب هذا الاستفهام: "قال ابن ناجي: لم أر في ذلك نصًا، وعندي أنها لا تحسب، واختار غير واحد ممن لقيته أنها تحتسب".

- وقال في مسألة صلاة المسافر سفرية ثم نوى الإقامة بعدها: "تنبيه: قد استشكل الإعادة بأن نية الإقامة طارئة بعد كمال الصلاة بشروطها، فالجاري على الأصل عدم الإعادة، وأجيب عن ذلك بأجوبة. . . ".

فما قاله تحت قوله تنبيه هو لابن ناجي، كما في الشرح الكبير، لوحة ١٤٣، وقد نقله التتائي هنا بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>