لإقراء العربية والحساب والمنطق وغيرها، فأخذ عنه غير واحد من أهلها والقادمين عليها؛ وكذا جاور بالمدينة غير مرة، ثم قطنها وأقرأ بها أيضًا، وقدم في غضون ذلك القاهرة أيضًا، فأقام بها يسيرًا، وسافر منها إلى القدس والشام، وكف بصره وجزع لذلك، وأظهر عدم احتماله، وقدح له فما أفاد، ثم أحسن اللَّه إليه بعود ضوء إحداهما.
وقد لقيته بمكة ثم بالقاهرة واغتبط بي، والتمس مني إسماعه القول البديع فما وافقته، فقرأه أو غالبه عند أحد طلبته النور الفاكهاني بعد أن استجازني هو به، وسمع مني بعض الدروس الحديثية، وسمعت أنا كثيرًا من فوائده ونظمه، وأوقفني على رسالة عملها في ترجيح ذكر السيادة في الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة وغيرها، بعد أن استمد مني فيها، وكذا رأيت له أجوبة عن أسئلة وردت من صنعاء سماها رد المغالطات الصنعانية، وقصيدة امتدح بها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أولها:
يا أعظم الخلق عند اللَّه منزلة ... ومن عليه الثنا في سائر الكتب
وكان إمامًا في العربية والحساب والمنطق مشاركًا في الفقه والأصلين والمعاني والبيان والهيئة مع إلمام بشيء من علوم الأوائل، عظيم الرغبة في العلم والإقبال على أهله، قائمًا بالتكسب، خبيرًا بالمعاملة، ممتهنًا لنفسه بمخالطة الباعة والسوقة من أجلها، ولم يزل مقيمًا بالمدينة النبوية حتى مات في شوال، سنة ثمان وسبعين، ودفن بالبقيع، رحمه اللَّه" (١).
وعلى هذا فميلاد صاحبنا ربما تكون سنة بضع وستين، ويكون حين وافته المنية قد ناهز الثمانين، واللَّه تعالى أعلم.
٢ - برهان الدين اللقاني، وهو -كما في الضوء اللامع-: "إبراهيم بن محمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن عطية -ورأيته بخطه مقدمًا على يوسف- بن جميل -ككبير- القاضي برهان الدين أبو إسحاق المغربي