للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسر، ولازم الزين عبادة في انقطاعه، وسمع علي الزين الزركشي، والمحب بن نصر اللَّه الحنبلي، وشيخنا، والقاضي سعد الدين بن الديري وآخرين.

وحج وسافر لدمياط في بعض الضرورات، وبرع في الفقه، وتصدى للتدريس فيه خصوصًا بعد إذن الولوي السنباطي له في ذلك وفي الإفتاء، بل واستنابه هو، ومن بعده للقضاء، وكذا ناب في تدريس الفقه بكل من المؤيدية وأم السلطان والقمحية عن ولد صاحبه البدر بن المخلطة، بل استقر في وظيفة الميعاد بالسابقية بعد موت الجلال بن الملقن، وصار بأخرة عليه المدار في مذهبه إفتاء وقضاء، وكثر قصده بكليهما، وحمد الناس منه مزيد تواضعه ورفقه ومداراته وعدم يبسه، مع اتصافه باستحضار فروع مذهبه، ومشاركته في العربية، بحيث يقرئ فيها، وكذا في غيرها، لكن يسيرًا، ومزيد فتوته ومروءته وكرمه، ولم يزل على طريقته إلى أن كان في يوم الإثنين سادس صفر سنة سبع وسبعين، فاستقر به الأشرف قايتباي في قضاء المالكية بعد صرف السراج بن حريز، ولبس لذلك بعد يومين، وتلقاه بقية القضاة، وجمع من نوابهم ونحوهم فركبوا معه إلى الصالحية، ثم إلى منزله وباشر على عادته.

وله قومات سديدة، وعزمات شديدة، منها في كائنة البقاعي حيث نسب إليه ذاك القول الشنيع، والهول الفظيع، في كلام اللَّه عز وجل، ورام التخلص من طلب القاضي له بأمر لم ير الاكتفاء به في الدفع عنه، فاعتنى به الزين بن مزهر الشافعي، وتجشم الحكم بصحة إسلامه لتوقف غير واحد من النواب عن ذلك، وسجل عليه بالحكم، فسكت القاضي وغيره حينئذ على مضض، وكذا كانت له اليد البيضاء في المجلسين المعقودين بسبب هدم الكنيسة، وعلم منه كل أحد الإنكار دون رفقته، وقال: إن فرغ الشافعية من هذه الكائنة ورفعت إليّ عملت فيها بالذي أعرفه، إلى غير ذلك مما هو مشروح في الحوادث، كإشهاره لتاج الدين بن شرف وإعراضه عن شهادة ابن قريبه، وإهانته لأبي حامد القدسي، وإن كان أفحش، ولو كان قيامه مع دربة ورتبة وتذكر وتفكر لكان أدعى لقبوله، وأرعى لجانبه عند

<<  <  ج: ص:  >  >>