ذهوله، ولذا تكرر جفاء السلطان له، وتقرر عنده سيرة بعض أتباعه المهملة إلى أن كان في أول رجب من سنة ست وثمانين حين التهنئة، وراجع فيما ظهر للخاص والعام الميل إليه من ثبوت ما قاله الشهابي بن العيني مراجعة لم يرتضها، كما بسطت في محلها صرح بعزله، وقرر بعد ذلك عوضه المحيوي ابن تقي، وساء عزله غالب الناس، ولزم القاضي منزله غير منفك عن شهود غالب الجماعات، سيما الصبح والعشاء في الأزهر مع توعك بدنه وعينيه، وربما أقرأ وأفتى وركب لمباشرة درس المؤيدية وغيره نيابة مجانًا، فيما يظهر ورام فعل ذلك بالبرقوقية عقب موت صاحبه السنهوري، فعورض إلى أن استنزل حفيدي شيخه الزين عبادة عن تدريس الفقه بالشرفية برسباي، وأعطاه السلطان بعد موت فتح الدين بن البلقيني بدون مسألة الميعاد والتفسير بالبرقوقية، وظهر منه مزيد إقباله واعتذاره، واستحضر حينئذ قوله حين ذكر الزيني زكريا لقضاء الشافعية في جماعة الذي كان أنكره عليه إذ ذاك أنه لا عهد له بالمصطلح، وهو منقاد مع جماعته، وحال ولده معلوم، لما ظهر له ذلك، وصار ربما يطلع للسلام عليه، وتزايد تعلله، حتى مات قبل استكمال شهر بعد موت ابن تقي، في آخر يوم الإثنين تاسع المحرم سنة ست وتسعين وصلى عليه من الغد بمصلى المؤمنين في مشهد حافل شهده السلطان، وأظهر أسفًا عليه، ثم دفن بالتربة سعيد السعداء رحمه اللَّه وإيانا" (١).
٣ - سبط المارديني، وهو كما في الضوء اللامع: "محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد البدر الدمشقي الأصل القاهري الشافعي سبط الجمال عبد اللَّه المارداني، أمه فاطمة، ويعرف بالمارديني.
ولد في ليلة رابع عشر ذي القعدة سنة ست وعشرين وثمانمائة بالقاهرة، ونشأ بها، فحفظ القرآن وجوده على النور إمام الأزهر، بل تلاه عليه ببعض الروايات وألفية النحو وبعض المنهاج، وأخذ عن ابن المجدي