وكتب على المختصر من كتبهم شرحًا لم يكمل، وكذا عمل شرحين للأجرومية في العربية كتبًا عنه، وكثيرًا ما كان يراسلني في السؤال عن أشياء تقع له من المتون والرجال، سيما حين توجهه لتحرير ابن عبد السلام شرح ابن الحاجب، ويصرح بأنه لا يطمئن لغير ما أبديه؛ وتكرر قصده لي بالسلام عقب سفري، وفي ضعفي، وكذا عدته في مرض موته، وأظهر أتم بشر، وصار مع شدة ما هو فيه يبالغ في الأدب معي، وبالجملة فهو خاتمة الحلبة.
مات في ليلة الأربعاء تاسع عشر رجب سنة تسع وثمانين بعد توعكه أيامًا، وصلي عليه من الغد، ثم دفن بحوش الشيخ عبد اللَّه المنوفي، وتأسف الناس على فقده، ولم يخلف في المالكية مثله، ووجد له من النقد ما ينيف على أربعمائة دينار، ومن الكتب ما يوازيها سوى ما تصدق به عند موته وهو نحو عشرين دينارًا لجماعة من طلبته وغيرهم رحمه اللَّه وإيانا" (١).
٥ - القلتاوي، وهو -كما في الضوء اللامع-: "داود بن محمد بن علي القلتاوي الأزهري المالكي، ولد بقلتا قرية من المنوفية، وقدم بعد بلوغه القاهرة فقطن الأزهر وحفظ القرآن وابن الحاجب الفرعي والأصلي والرسالة لابن أبي زيد وألفية النحو، وأخذ عن أبي القسم النويري والزين طاهر وأبي الجود، وكذا أخذ في الأصول والعقليات وغيرها عن التقيين الشمني والحصني والأقصرائي، وجد في المطالعة والتحصيل بحيث شارك في الفقه والعربية وغيرهما مع جموده ويبسه، وحافظته أشبه من فاهمته وكتابته أحسن من عبارته؛ وسمع ختم البخاري في الظاهرية القديمة. وكتبته هناك غلطًا داود بن داود بن محمد. وقد سألني عن حديث كل الصيد في جوف الفرا وكتبت له جوابًا حافلًا سمعه مني؛ وقال: قد سألت عنه كل الجماعة فما عرفوه، وكذا كتبه البقاعي عني وتصدى للأقراء قديمًا فانتفع به صغار الطلبة؛ وكذا كتب على الفتيا وصار أحد شيوخ المالكية، حتى إن قاضي المذهب اللقاني رد على قاضي الجماعة يوم مجلس الكنيسة حين ذكر