ولما اشتد نكير الأصحاب من المتأخرين على من يرفع يديه فى خفضه ورفعه، ورام بعضهم اتهام من يفعله بما لا يليق، حتى ظن بعض الحمقى ممن يتبع الظاهر أن المذهب المالكي معارض للسنة، آخذ بآراء الرجال، وكان لابن عبد البر وغيره من المحققين من الأصحاب ومن الأحناف كلام نفيس في هذه المسألة رأيت سرده للبيان والتذكير، فأقول: قال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٤٠٧، وما بعدها): "مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه واذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضًا وقال: "سمع اللَّه لمن حمده ربنا ولك الحمد" وكان لا يفعل ذلك في السجود. هكذا رواية يحيى لم يذكر الرفع عند الركوع وتابعه من رواة الموطأ جماعة وروته أيضًا جماعة عن مالك فذكرت فيه رفع اليدين عند الافتتاح وعند الركوع وعند الرفع من الركوع وكذلك رواه أصحاب ابن شهاب وهو الصواب. وقد ذكرنا في التمهيد من تابع يحيى على روايته كما وصفنا ومن رواه كما ذكرنا بحمد اللَّه. ١٤٠ - وذكر عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع يديه في الصلاة. قال أبو عمر: معنى رفع اليدين عند الافتتاح وغيره - خضوع واستكانة وابتهال وتعظيم للَّه تعالى واتباع لسنة رسوله عليه السلام وليس بواجب والتكبير في كل رفع وخفض أوكد منه، وقد قال بعض العلماء: إنه من زينة الصلاة. ذكر ابن وهب قال: أخبرني عياض بن عبد اللَّه الفهري أن عبد اللَّه بن عمر كان يقول: لكل شيء زينة وزينة الصلاة التكبير ورفع الأيدي فيها وعن ابن لهيعة عن ابن عجلان عن النعمان بن أبي عياش كان يقال: لكل شيء زينة وزينة الصلاة التكبير ورفع الأيدي عند الافتتاح، وحين يريد أن يركع وحين يريد أن يرفع. وقال عقبة بن عامر: له بكل إشارة عشر حسنات بكل إصبع حسنة وقد ذكرت الإسناد عن عقبة بن عامر بذلك في التمهيد. واختلف العلماء في رفع الأيدي في الصلاة وعند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع وعند السجود والرفع منه بعد إجماعهم على جواز رفع الأيدي عند افتتاح الصلاة مع تكبيرة الإحرام. فقال مالك فيما روى عنه ابن القاسم: يرفع للإحرام عند افتتاح الصلاة ولا يرفع في غيرها. قال: وكان مالك يرى رفع اليدين في الصلاة ضعيفًا. =