وهو قول الكوفيين أبي حنيفة وسفيان الئوري والحسن بن حي وسائر فقهاء الكوفة قديمًا وحديثًا وهو قول ابن مسعود وأصحابه والتابعين بها. وقال أبو عبد اللَّه محمد بن نصر المروزي: لا أعلم مصرًا من الأمصار تركوا بأجمعهم رفع اليدين عند الخفض والرفع في الصلاة إلا أهل الكوفة فكلهم لا يرفع إلا في الإحرام. وذكر ابن خواز بنداد قال اختلفت الرواية عن مالك في رفع اليدين في الصلاة فمرة قال: يرفع في كل خفض ورفع على حديث بن عمر ومرة قال: لا يرفع إلا في تكبيرة الإحرام، ومرة قال: لا يرفع أصلًا والذي عليه أصحابنا أن الرفع عند الإحرام لا غير. قال أبو عمر: وحجة من ذهب مذهب ابن القاسم في روايته عن مالك في ذلك حديث ابن مسعود وحديث البراء بن عازب عن النبي عليه السلام أنه كان يرفع عند الإحرام مرة لا يزيد عليها. وبعض رواتهما يقول: كان لا يرفع في الصلاة إلا مرة، وبعضهم يقول: كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة. وقد ذكرنا الحديثين من طرق في التمهيد وذكرنا العلة عن العلماء فيهما هنا. وروى أبو مصعب وابن وهب عن مالك أنه كان يرفع يديه إذا أحرم وإذا ركع دياذا رفع من الركوع على حديث بن عمر وقد ذكرنا الأسانيد عنهم بذلك عن مالك في التمهيد. ورواه أيضًا عن مالك الوليد بن مسلم وسعيد بن أبي مريم وقال ابن عبد الحكم: لم يرو أحد عن مالك مثل رواية: ابن القاسم في رفع اليدين. قال محمد: والذي آخذ به أن أرفع على حديث ابن عمر. وذكر أحمد بن سعيد عن أحمد بن خالد قال: كان عندنا جماعة من علمائنا يرفعون أيديهم في الصلاة على حديث ابن عمر ورواية من روى ذلك عن مالك وجماعة لا يرفعون إلا في الإحرام على رواية ابن القاسم فما عاب هؤلاء على هؤلاء ولا هؤلاء على هؤلاء. وسمعت شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد اللَّه بن هاشم يقول: كان أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم شيخنا يرفع يديه كلما خفض ورفع على حديث ابن عمر في الموطأ وكان أفضل من رأيت وأفقههم وأصحهم علمًا فقلت لأبي عمر: لم لا ترفع فنقتدي بك؟ قال: لا أخالف رواية ابن القاسم لأن الجماعة عندنا اليوم عليها ومخالفة الجماعة فيما أبيح لنا ليست من شيم الأئمة. =