فلا وجه لمن جعل صلاة من لم يرفع ناقصة ولا لمن أبطلها مع اختلاف الآثار في الرفع عن النبي عليه السلام، واختلاف الصحابة ومن بعدهم واختلاف أئمة الأمصار في ذلك، والفرائض لا تثبت إلا بما لا مدفع له ولا مطعن فيه. وقول الحميدي ومن تابعه شذوذ عند الجمهور وخطأ لا يلتفت أهل العلم إليه، وقد أوضحنا معاني هذا الباب وبسطناها فى التمهيد والحمد للَّه. واختلفت الآثار عن النبي عليه السلام في كيفية رفع اليدين في الصلاة فروي عنه أنه كان يرفع يديه مدًا فوق أذنيه مع رأسه روي عنه أنه كان يرفع يديه حذو أذنيه وروي عنه أنه كان يرفع يديه حذو منكبيه. وروي عنه أنه كان يرفعها إلى صدره، وكلها آثار معروفة مشهورة وأثبت ما في ذلك حديث ابن عمر هذا وفيه: "حذو منكبيه" وعليه جمهور التابعين وفقهاء الأمصار وأهل الحديث. ١٤١ - وقد روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في الإحرام حذو منكبيه وفي غير الإحرام دون ذلك قليلًا. وكل ذلك واسع حسن وابن عمر روى الحديث وهو أعلم بمخرجه وتأويله وكل ذلك معمول عند العلماء به". وأدلة عدم الرفع من المدونة (١/ ١٦٦) هي: " [١] قال وكيع عن سفيان الثوري عن عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود وعلقمة قالا: قال عبد اللَّه بن مسعود: ألا أصلي بكم صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: فصلى ولم يرفع يديه إلا مرة. [٢] قال وكيع: عن ابن أبي ليلى عن عيسى أخيه والحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعها حتى ينصرف. [٣] قال وكيع: عن أبي بكر بن عبد اللَّه بن قطاف النهشلي عن عاصم بن كليب عن أبيه أن عليًا كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود. قال: وكان قد شهد معه صفين. [٤] وكان أصحاب ابن مسعود يرفعون في الأولى ثم لا يعودون وكان إبراهيم النخعي يفعله". وللحافظ جمال الدين الزيلعي تحقيق نفيس للمسألة، فأتى على ذكرها فقهًا وحديثًا، وأجاب جوابًا شافيًا عما هو حاصل الآن بين الفريقين، فقال -رحمه اللَّه تعالى- في =