للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= المن الذي أنزل اللَّه على بني إسرائيل"، فيكون المن جملة نعم، ذكر الناس منها آحادًا.
والثاني: أن يذكر في النقل أشياء تتفق في المعنى بحيث ترجع إلى معنى واحد، فيكون التفسير فيها على قول واحد، ويوهم نقلها على اختلاف اللفظ أنه خلاف محقق، كما قالوا في السلوى إنه طير يشبه السماني.
وقيل: طير أحمر صفته كذا.
وقيل: طير بالهند أكبر من العصفور.
وكذلك قالوا في المن: شيء يسقط على الشجر فيؤكل وقيل صمغة حلوة.
وقيل: الترنجبين.
وقيل: مثل رب غليظ.
وقيل: عسل جامد.
فمثل هذا يصح حمله على الموافقة وهو الظاهر فيها.
والثالث: أن يذكر أحد الأقوال على تفسير اللغة، ويذكر الآخر على التفسير المعنوي، وفرق بين تقرير الإعراب وتفسير المعنى، وهما معًا يرجعان إلى حكم واحد؛ لأن النظر اللغوي راجع إلى تقرير أصل الوضع، والآخر راجع إلى تقرير المعنى في الاستعمال، كما قالوا في قوله تعالى: {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: ٧٣]، أي: المسافرين، وقيل: النازلين بالأرض القواء وهي القفر، وكذلك قوله: {تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} [الرعد: ٣١]، أي: داهية تفجؤهم، وقيل: سرية من سرايا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأشباه ذلك.
والرابع: أن لا يتوارد الخلاف على محل واحد، كاختلافهم في أن المفهوم له عموم أولًا، وذلك أنهم قالوا: لا يختلف القائلون بالمفهوم أنه عام فيما سوى المنطوق به، والذين نفوا العموم أرادوا أنه لا يثبت بالمنطوق به، وهو مما لا يختلفون فيه أيضًا، وكثير من المسائل، على هذا السبيل فلا يكون في المسألة خلاف، وينقل فيها الأقوال على أنها خلاف.
والخامس: يختص بالآحاد في خاصة أنفسهم، كاختلاف الأقوال بالنسبة إلى الإمام الواحد، بناءً على تغير الاجتهاد والرجوع عما أفتى به إلى خلافه، فمثل هذا لا يصح أن يعتد به خلافًا في المسألة؛ لأن رجوع الإمام عن القول الأول إلى القول الثاني اطراح منه للأول ونسخ له بالثاني، وفي هذا من بعض المتأخرين تنازع، والحق فيه ما ذكر أولًا، ويدل عليه ما تقدم في مسألة أن الشريعة على قول واحد، ولا يصح فيها غير ذلك، وقد يكون هذا الوجه على أعم مما ذكر كأن يختلف العلماء على قولين ثم يرجع أحد الفريقين إلى الآخر، كما ذكر عن ابن عباس في المتعة وربا الفضل، =

<<  <  ج: ص:  >  >>