وما أرى هذا الظاهري إلا وقد خرج عن جماعة العلماء من السلف والخلف وخالف جميع فرق الفقهاء وشذ عنهم ولا يكون إمامًا في العلم من أخذ بالشاذ من العلم وقد أوهم في كتابه أن له سلفًا من الصحابة والتابعين تجاهلًا منه فذكر عن ابن مسعود ومسروق وعمر بن عبد العزيز في قوله: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: ٥٩] أن ذلك عن مواقيتها ولو تركوها لكانوا بتركها كفارًا وهو لا يقول بتكفير تارك الصلاة عمدًا إذا أبي إقامتها ولا بقتله إذا كان مقرًا بها فقد خالفهم فكيف يحتج بهم على أنه معلوم أن من قضى الصلاة، فقد تاب من تضييعها قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢)} [طه: ٨٢] ولا تصح لمضيع الصلاة توبة إلا بأدائها كما لا تصح التوبة من دين الآدمي إلا بأدائه، ومن قضى صلاة فرط فيها فقد تاب وعمل صالحًا واللَّه لا يضيع أجر من أحسن عملًا. وذكر عن سلمان أنه قال: الصلاة مكيال فمن وفاه وفي له، ومن طففه قد علمتم ما قاله اللَّه في المطففين. وهذا لا حجة فيه لأن الظاهر من معناه أن المطفف قد يكون من لم يكمل صلاته بركوعها وسجودها وحدودها وإن صلاها في وقتها. وذكر عن ابن عمر أنه قال: لا صلاة لمن لم يصل الصلاة لوقتها. وكذا نقول: لا صلاة له كاملة الأجزاء كما جاء: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" سنن البيهقي (٣/ ١١١ و ١٧٤) "ولا إيمان لمن لا أمانة له" مسند أحمد (٣/ ١٣٥) ومن قضى الصلاة فقد صلاها وتاب من نسي عمله بتركها وكل ما ذكر في هذا المعنى فغير صحيح ولا له في شيء منه حجة لأن ظاهره خلاف ما تأوله. فصل في حجج المانعين من صحة قضاء الصلاة المتروكة عمدًا. قال المانعون من صحتها بعد الوقت وقبولها: لقد أرعدتم وأبرقتم ولم تنصفونا في حكاية قولنا على وجهه ولا في نقلنا مذاهب السلف ولا في حججنا؛ فإنا لم نقل قط ولا أحد من أهل الإسلام أنها سقطت من ذمته بخروج وقتها وأنها لم تبق واجبة عليه حتى تجلبوا علينا بما أجلبتم وتشنعوا علينا بما شنعتم بل قولنا وقول من حكينا قوله من الصحابة والتابعين أشد على مؤخر الصلاة ومفوتها من قولكم؛ فإنه قد تحتمت عقوبته وباء بإثم لا سبيل له إلى استدراكه إلا بتوبة يحدثها وعمل يستأنفه. وقد ذكر من الأدلة ما لا سبيل لكم إلى رده فإن وجدتم السبيل إلى الرد فأهلًا بالعلم أين كان ومع من كان فليس القصد إلا طاعة اللَّه وطاعة رسوله ومعرفة ما جاء به. ونحن نبين ما في كلامكم من مقبول ومردود. فأما قولكم: أن سرور ابن عباس بتلك الصلاة التي صلاها بعد طلوع الشمس لأنه =