للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، وقد يؤدي ذلك إلى أن يتكففَ من لم يكن ذلك من شأنه، وأُسقِطت في القول الثالث عن الفقيرِ لقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا اليَوْم" (١) فمفهوم هذا: أنها مواساةٌ ممن هو غنيٌّ لمن هو يتكففُ.

ولم يختلف المذهب في أنه ليس من شرطِ الغنيِّ أن يملكَ نصابًا، واخْتُلِفَ في صفةِ الفقيرِ الذي تحل له، فقيل: هو الذي تحلُّ له زكاةُ العينِ (٢). وقال أبو مصعب: لا يُعْطَاها مَنْ أخرجها (٣)، ولا يُعطى فقيرٌ أكثرَ منْ زكاةِ إنسانٍ؛ وهو الصَّاعُ. وهذا الظاهرُ منْ قوله: "أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا اليَوْم"، فكان القصدُ: غِنَاهُم ذلك اليوم، والقصدُ بما سواها من الزكواتِ ما يغنيه (٤) عما يحتاج من النفقةِ والكسوةِ في المستقبلِ، وقد قيل: يُعْطَى ما يكونُ فيه كفافٌ لسنته؛ ولهذا قيل: إنه لا بأسَ أن يُعطى الزكاةَ منْ له نِصَابٌ لا كِفَايةَ فيه؛ ولا أعلمُهم يختلفونَ أنه لا يُعْطَى زكاةَ الفطرِ من يَمْلِكُ نِصَابًا.

واختلف هل تجب على من له عبدٌ، ولا شيءَ له سواه، أو يعطاها؟ فقال مالكٌ في المبسوطِ فيمن له عبد لا يملك غيره: عليه زكاةُ الفطرِ. فرآه موسرًا بالعبد، وقال في موضعٍ آخر: لا شيءَ عليه، وقاله أشهب في مدونته، ورأى أنها مواساةٌ. وسبيلُ المواساةِ: ألا يُكَلَّفها من هذه صفته ولا يُعْطَاها من له عبدٌ على قولِ أبي مصعب، ويُعطاها على القولِ الآخر.


(١) ضعيف، أخرجه البيهقي في سننه: ٤/ ١٧٥، في باب وقت إخراج زكاة الفطر، من كتاب الزكاة، برقم (٧٥٢٨).
(٢) انظر: المدونة: ٢/ ٣٦٢.
(٣) في (ر): (من أخذها).
(٤) في (ر): (يعينه).

<<  <  ج: ص:  >  >>