للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الصيد

الأصل في الصَّيد قول الله -عز وجل-: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤]. وقوله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] دليله أنه حلال بعد الإحلال من الإحرام.

واختلفَ في قوله: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: ٩٤].

فقيل: يدلّ على إباحة الصَّيد. وقيل: على منعه. وهو أصحّ؛ لقوله: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ}. والمراد: الامتناع في حال الإحرام، والابتلاء: الاختبار لمن يصبر عنه في ذلك الحال، ولقوله تعالى: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة: ٩٤]. فيقف ولا يتعدَّى إذا خفي به (١) الاصطياد. ولقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: ٩٤]. يريد: اعْتَدَى وصاد. وقول النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم: "إِذَا أَرْسلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا، فكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ وَإِنْ قَتَلْنَ، وَإِنْ أَكَلَ الكَلْبُ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإنِّي أَخًافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كِلاَبٌ غَيْرُهَا فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّما سَمَّيْتَ عَلَى كلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ" (٢). فسأله عن المعْراض (٣)، فقال: "إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ


(١) في (م) و (ر): (له).
(٢) أخرجه البخاري: ٥/ ٢٠٨٩، في باب إذا أكل الكلب، من كتاب الذبائح والصيد، برقم (٥١٦٦)، ومسلم: ٣/ ١٥٢٩، في باب الصيد بالكلاب المعلمة، من كتاب الصيد والذبائح، برقم (٢/ ١٩٢٩).
(٣) المعْراض -بالكسر-: سهم يرْمَى به بلا ريش ولا نَصْل يَمْضي عَرْضًا فيصيب بعَرْض العود =

<<  <  ج: ص:  >  >>