للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختُلف فيمن حلف ألا يكلم فلانًا، فكلمه بحيث يسمع، فلم يسمعه لشغل أو غيره. أو كان نائمًا (١)، فصاح به، فلم يستيقظ. فقال ابن القاسم مرة: يحنث؛ لأن ذلك كلام منه له. وقال مرة: لا حنث عليه (٢)؛ لأن القصد مقاطعته، وإذا لم يسمعه لم تقع مواصلة.

فصل (٣) [إن حلف ليهجرنه ثم كلمَّه]

وإن حلف ليهجرنّه، ثم كلمَّه؛ لم يحنث، وليس عليه أن يهجره عقيب يمينه، ومتى هجره بعد ذلك برّ.

وإن حلف لا يكلمه، فكلّمه بعد يمينه حنث؛ لأنه حلف لا يوجد منه فعل، فمتى وجد منه حنث. والأول حلف ليفعلن في المستقبل، فمتى وجِد منه بر.

واختُلف إذا حلف ليهجرنّه في القدر الذي يبر به، ففي كتاب محمد: يهجره شهرًا، وفي العتبية والواضحة تجزئه ثلاثة أيام (٤)؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَحِلّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ" (٥). فأوقع على هذا القدر اسم الهجران؛ ولأنها مدة تقع بها الوحشة، وفيها تقاطع لمن


(١) في (ط): (ناسيًا).
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ٤/ ١٣٠.
(٣) قوله: (فصل) ساقط من (ب).
(٤) انظر: النوادر والزيادات: ٤/ ١٤١، والبيان والتحصيل: ٦/ ٢١٩.
(٥) متفق عليه، البخاري: ٥/ ٢٢٥٣، في باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر من كتاب الأدب، برقم (٥٧١٨)، ومسلم: ٤/ ١٩٨٤، في باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر، من كتاب البر والصلة والآداب، برقم (٢٥٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>