وإن تحمل رجل بطلب مَن ثَبَتَ عليه حدٌّ بعد هروبه، فإن كان ثبات ذلك ببينة ألزم الوفاء بالحمالة، وإن كان بإقرار على الخلاف هل يلزمه طلبه أم لا؟
[فصل [في سقوط الحمالة بالوجه]]
الحمالة بالوجه تسقط عن الحميل بإحضاره، وإن كان معدمًا، وكذلك إذا كان حاضرًا بالبلد مسجونًا كان سجنه ذلك في حق أو تعديًا عليه، ولأن ذلك كموته إذا تعدى عليه بالسجن. ولو امتنع هو برجل لكان كتغيبه، وإن أسلمه الحميل للطالب في مفاز، أو في بلد لا سلطان فيه، أو يقدر على الامتناع بسلطانه أو غيره لم تسقط الحمالة، وإن كان به سلطان وتناله الأحكام برئ الحميل.
قال محمد: يبرأ وإن كان لا بينة للطالب فيه، وقال محمد بن عبد الحكم: لا يبرأ إلا في موضع لا يقدر على الامتناع فيه إلا كما يمتنع في الموضع الذي ضمنه فيه.
قال الشيخ - رضي الله عنه -: إذا كان المطلوب مقرًا في حين أخذ منه الحميل جاز أن يقال أن الحميل يبرأ الآن مقرًا كان أو منكرًا، كان للطالب في ذلك الموضع الآخر بينة أم لا؛ لأن القصد في وقت أخذ الحميل منه خوف تغيبه، ولم يكن خوف جحوده، والجحود أمر حدث بعد ذلك، وإن كان جاحدًا وأخذ الحميل حتى تقام البينة عليه أو حتى يزكى من شهد عليه لم يبرأ الحميل بدفعه في غير بلده؛ لأنه لا ينتفع بتسليمه ذلك، ولو كانت البينة قد زكيت، وكان التأخير ليجرحها المطلوب، واعترف المطلوب الآن أن الأمر كان على ذلك لبرئ الحميل؛ لأنه مأخوذ بالحق الآن.