للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في تأخير الحميل أو الغريم]

وإذا حلَّ الدَّين فأخر الطالب الغريم شهرًا، كان تأخيرًا للحميل عند ابن القاسم وليس بإسقاط للكفالة، ولم ير للكفيل عليه في ذلك يمينًا.

وقال محمد: يحلف أنه لم يرد إسقاط الكفالة، وقال غيرهما: إذا أخر الغريم وهو موسر تأخيرًا بينًا سقطت الكفالة، وإن كان معسرًا لم تسقط الكفالة ولا حجة للكفيل في التأخير. والأول أصوب؛ لأن للطالب حقين على رجلين فلا يكون إسقاطه حقه عن أحدهما إسقاطًا للآخر، ويخير الكفيل (١) بين أن يمضي ذلك التأخير أو يرده؛ لأنه يقول: أخاف أن يفلس الغريم فيذهب ماله، فإن لم يقم حتى حلَّ الأجل كانت الكفالة على حالها، وإن لم يعلم الحميل بالتأخير حتى حل الأجل حلف الطالب أنه لم يؤخره لتسقط الحمالة ويكون على حقه فيها، وهذا هو قول ابن القاسم ويحمل قوله على أن ذمة الغريم يوم حل الأجل الأول والثاني سواء، ولو كان موسرًا يوم حل الأجل الأول ثم أعسر الآن لم يكن له على الحميل شيء؛ لأنه فرط في حقه حتى تلف مال غريمه ولم يعلم الكفيل فيعد راضيًا، قال ابن القاسم: وتأخير الكفيل تأخير للغريم إلا أن يحلف أنه لم يرد تأخيره، فإن نكل كان تأخيرًا له (٢). وأرى يمين الطالب ها هنا ضعيفة؛ لأن حقه الآن توجه على الغريم فهو يطلبه به وبه يبتدأ، فإن وجده عديمًا وعاد الطالب على الحميل لزمه التأخير وقد يكون بينه وبين الحميل ما يوجب مراعاته والتأخير بما يجب له عليه أو يريد الرفق به لما كان يؤدي ذلك إلى خسارة أو شبيهًا بالخسارة، وقد ييسر غريمه أو يتمادى عدمه.


(١) قوله: (ويخير الكفيل) يقابله في (ت): (والكفيل بالخيار).
(٢) انظر: المدونة: ٤/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>