[باب فيمن باع على رهن غير معين وما يجوز رهنه وما يمنع]
إن البيع على رهن غير معين جائز وعلى الغريم أن يعطي النصف المعتاد، والعادة في الحواضر أن يرهنوا ما يغاب عليه، مثل الثياب والحلي، أو ما لا يغاب عليه، مثل الديار وما أشبهها، وليس العادة العبيد ولا الدواب، ولكن على المرتهن قبول ذلك، وإن كان أحق عليه في أنه مصدق في تلفه؛ لأن في حفظه كلفة ومشقة، وإن أحب أن يعطي ثيابًا وامتنع المرتهن؛ لأنه مما عليه فيه ضمان، أو أحب الراهن أن يعطي دارًا وامتنع المرتهن وأحب ما يبين به ويكون تحت غلقه (١)، كان القول قول الراهن؛ لأن كل ذلك يرهن، وإنما له فيه وثيقة من حقه إلا أن يشترط صنفًا فيوفى له به، ولو كان الدين عينًا مؤجلًا كان عليه أن يعطيه ما يرى أنه يشتري به مثل ذلك السلم إذا حل في الغالب، وليس للمسلم إليه أن يعطي بقدر ما يسوي المسلم فيه على غلائه قبل الإبان.
(١) الغَلَقُ في الرهن ضد الفك فإذا فَكَّ الراهنُ الرهنَ فقد أَطلقه من وثاقه عند مُرْتَهنه وقد أَغْلَقْتُ الرهن فَغَلِقَ أي أوجبته فوجب للمرتهن ومنه الحديث: "ورجل ارتبط فرسًا ليُغالِقَ عليها". أي ليراهن، وكأنه كره الرِّهان في الخيل إذ كان على رسم الجاهلية قال سيبويه وغَلِقَ الرَّهْنُ في يد المرتهن يَغْلق غَلَقًا وغُلُوقًا فهو غَلِقٌ استحقه المرتهن وذلك إذا لم يُفْتَكّ في الوقت المشروط وفي الحديث: "لا يغْلَق الرهن بما فيه". . . ويقال: غَلِقَ الرهنُّ يَغْلَقُ غُلُوقًا إذا لم يوجد له تخلص وبقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه والمعنى أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يَسْتَفِكَّه صاحبُه وكان هذا من فعل الجاهلية أن الراهن إذا لم يُؤدِّ ما عليه في الوقت المعين مَلَكَ المرتهنُ الرَّهْنَ فأَبطله الإسلام. انظر: لسان العرب: ١٠/ ٢٩١.