للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب إذا أسلم طعامًا في طعام نقدًا وثوبًا إلى أجل

ولا يجوز عند مالك أن يسلم حنطة في تمر نقدًا وثوب إلى أجل، وأجاز إذا كان ذلك كله نقْدًا (١)، وهذا خلاف ما تقدم له في بيع وصرف، وألا يجوز ذلك في طعامين، وإن كان كل ذلك نقدًا؛ لأن حكم الطعام بالطعام حكم الصرف، فإذا لم يجز أن يضم إلى الصرف بيع لم يجز ذلك في الطعامين.

وقد كان بعض شيوخنا يقول: القياس إذا تناجزا في الطعامين أن يجوز تأخير الثوب، وإنما يؤمر أن يتناجزا فيما حكمه المناجزة، وهو الذهب والفضة، وكذلك الطعام بالطعام، ويبقى البيع على أصله في جواز التأخير.

وإن كان أحد الطعامين كثيرًا والآخر يسيرًا، كالمد وما أشبهه جاز أن يتراخى الطعامان، وأن يعجل الثوب، قياسا على قوله إذا باع سلعة ودرهما أو درهمين بدينار.

ولا يجوز أن يسلم في سلعة بعينها ليقبضها إلى أجل؛ لأنه غرر لا يدري هل يسلم إلى ذلك الأجل أم لا؟ فإن سلمت كان بيعًا، وإن هلكت كان سلفًا؛ ولأنه يزيده في الثمن، لمكان الضمان إلى ذلك الأجل، وهو في معنى ضمان بجعل، ولا يجوز أيْضًا إذا لم ينقد؛ لأنه إن أسقط الفساد لمكان السلف لم يسقط لمكان الضمان (٢).

واختلف إذا أسقط الأجل وعجلت هل يمضي البيع أم لا؟ وأراه جائزًا إذا رضيا جميعًا؛ لأنه كعقد مبتدأ، وإن رضي أحدهما دون الآخر، لم يجز؛ لأن


(١) انظر: المدونة: ٣/ ٧٥.
(٢) انظر: المدونة: ٣/ ٧٧، ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>