للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [في الاختلاف إذا أفطر بما لم يدخل من الفم]]

واختلف إذا أفطر بما لم يدخل من الفم، فقال سحنون: لا كفارة عليه، قال: وإنما الكفارة فيما يتعمد إدخاله من الفم إلى الحلق (١)، وقال أبو مصعب في السعوط وتقطير الدهن في الأذن والحقنة: إن وصل شيء من ذلك إلى الجوف عليه القضاء والكفارة، وإن وصل من العين فلا قضاء عليه.

يريد: لأنه منفذ لطيف، وهذا الخلاف إذا كان فاعل ذلك عالمًا بوصوله، وأن ذلك غير جائز له، فان كان جاهلًا يظن أن ذلك جائز لمّا لم يكن من الحلق عاد الجواب إلى ما تقدم من التأويل، فمضى أبو مصعب على الأصل في متعمد الفطر.

وذهب سحنون إلى أن الكفارة إنما وردت فيمن أتى من الجرم (٢) والانتهاك أعظم من هذا وهو الوطء، وألحق به الأكل والشرب المعتاد؛ لأنه بمثابته في الانتهاك ولم يلحق به من لزوم شروط الصوم من الإمساك عن الوطء والأكل والشرب، وأتى مثل ذلك من تقطيره في أذن وما أشبهه؛ لأن جرمهما مختلف فلم يلحق بحكم الأعلى، وإلى هذا يرجع الاختلاف فيمن بيت الفطر ولم يأكل ولم يشرب حتى أمسى، فقال مالك وابن القاسم: عليه الكفارة (٣)، وقال أشهب: لا كفارة عليه (٤)، وذكر أبو الفرج عن مالك قولين: وجوب الكفارة، وسقوطها، فلزومها؛ لأنه متعمد للفطر غيرُ متأوِّلٍ،


(١) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٤٥.
(٢) في (س): (المحرم).
(٣) انظر: المدونة: ١/ ٢٨٥.
(٤) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>