للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ - رضي الله عنه -: أصل المذهب أن (١) الكفارة إنما تجب على من قصد الفطر جرأة وانتهاكًا، وإذا كان ذلك نظر إلى من أفطر بتأويل، فإن جاء مستفتيًا، ولم يظهر عليه صدق فيما يدعيه (٢)، وأنه لم يفعل ذلك جرأة، فلا كفارة عليه، وإن ظهر عليه نظر فيما يدعيه، فإن كان مما يرى أن مثله يجهله صُدِّق، وإن أتى بما لا يشبه لم يصدق وألزم الكفارة، وهذا فائدة قولهم: إن هذا ينوَّى، ولا ينوَّى الآخر، ويجبر على الكفارة، ولو كان إخراج الكفارة إليه إذا ادَّعى ما لا يشبه لم يكن للتفرقة وجه، وهذا الأصل في الحقوق التي لله سبحانه في الأموال فيمن كان لا يؤدي زكاته، أو وجبت عليه كفارة أو عتق عن ظهار، أو قتل، أو هدي، فامتنع من أداء ذلك أنه يجبر على إنفاذه، وقاله محمد بن المواز فيمن وجبت عليه كفارة فمات قبل إخراج ذلك (٣): إنها تؤخذ من تركته إذا لم يفرط.

فإن قيل: الكفارات مختلف فيها، هل هي على الفور، أو على التراخي؟ فكيف يجبر على إخراجها مع القول: إنها على التراخي؟ قيل: إنما يصح أن يؤخرها إذا كان معتقدًا أنه يخرجها، فأما من عُلِم منه جحودها، وأنه يقول: لا شيء عليَّ. فلا يؤخر بها، وهذا في الحقوق التي تجب عليه لله سبحانه، ولم يوجبها على نفسه.

واختلف فيما تطوع بإيجابه على نفسه (٤)، فقال: مالي صدقةٌ للمساكين في غير يمين، فقال ابن القاسم: لا يجبر على إنفاذ ذلك، وقال في كتاب الصدقة من كتاب محمد: يجبر (٥)، وبقية ما يتعلق بذلك مذكور في كتاب الهبات.


(١) قوله: (المذهب أن) ساقط من (س).
(٢) قوله (صدق فيما يدعيه) تكررت في (ر) خطأ.
(٣) قوله: (ذلك) ساقط من (ش).
(٤) قوله: (واختلف فيما تطوع بإيجابه على نفسه) ساقط من (ش).
(٥) انظر: النوادر والزيادات: ١٢/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>