للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مثل القول الذي يغرم غلة الدار وإن أغلقها؛ لأن كليهما إنما يغرم ما أحرم ربها من تلك المنافع (١) بغصبه؛ لأنه المسلط للمشتري والموهوب له.

فصل [فيمن غصب عبدًا أو دابة ثم ردها]

ويختلف في الغاصب إذا رد الغلات هل يرجع بما أنفق على العبد والدابة وبالسقي والعلاج على ثلاثة أقوال، فقال ابن القاسم في كتاب محمد: يرجع في ذلك -يريد: ما لم يجاوز الغلة- ثم رجع وقال: لا شيء له (٢). والأول أحسن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" (٣) فهو إن ظلم فلا يظلم هذا في كل ما ليس للمغصوب منه مندوحة مثل طعام العبد وكسوته وعلف الدابة، وأمَّا الرعي (٤) وسقي الحائط، فإن كان لو كان ذلك في يده لاستأجر له رجع به مثل طعام العبد، وإن كان لا يستأجر لذلك؛ لأن له عبيدًا ودواب في الحائط يقومون به، ثم لم يستعملهم بعد غصب الحائط لم يكن عليه شيء، وإن كان في الحائط دوابه دون عبيده، أو عبيده دون دوابه- رجع بأجرة ما كان عجز عنه دون ما كان فيه، إلا أن يستعملهم صاحبهم بعد غصب الحائط، فإن كان آجر (٥) كان عليه إجارة من عمل في الحائط ما لم يجاوز تلك الإجارة التي أخذها فيهم.

وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب فيمن تعدى على رجل فسقى له شجرة،


(١) في (ق ٩): (الغلات).
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١٠/ ٣٤٥.
(٣) سبق تخريجه، ص: ١٣٧٠.
(٤) قوله: (الرعي) في (ف): (الراعي).
(٥) قوله: (آجر) في (ف): (أجرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>