للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في لغو اليمين والغموس وما تجب فيه الكفارة، وما لا تجب وما تكوق النية فيه نية الحالف والمحلوف له]

الأيمان قسمان: ماض ومستقبل. فالماضي لا تلزم فيه كفارة، بر في يمينه، أم لا. والمستقبل تجب فيه الكفارة متى خالف ما عقد يمينه عليه. والماضي على أربعة أوجه، فإن قال: والله، ما لقيتُ فلانًا أمس. وذلك يقينه، ثم تذكر أنه لقيه لم تكن عليه كفارة. وهذا من لغو اليمين الذي ذكر الله تعالى في كتابه. وإن كان لقيه وتعَمّد الكذب، كان غموسًا.

قال مالك: وهي أعظم من أن تُكفّر (١). فإن كان في حين يمينه شاكًّا، ثم تذكر أنه لقيه؛ كان آثما. ويجوز أن يكون إثمه دون من كان على يقين. قال ابن القاسم: وإن تبين له أنه لم يلقه، بر في يمينه.

والصواب أنه آثم؛ لأنه تجرأ باليمن على القطع مع الشك. وأرجو أن يكون إثمه أخف (٢) ممن يذكر أنه لقيه، وإن بقي على شكه، كان آثمًا.

ويُستحب له في جميع ذلك أن يتقرب إلى الله سبحانه بالصوم والصلاة والصدقة إذا تعمّد أو كان شاكًّا. وهو في يمينه في المستقبل على بر إذا قال: والله، لا فعلتُ، أو إن فعلتُ. وعلى حنث إن قال: إن لم أفعل، أو لأفعلنّ، ويمينه في جميع هذه الأربعة الوجوه منعقدة إذا كان قاصدًا لعقد اليمين.

واختُلف إذا كانت اليمين بغير نية، وإنما خرج على سبق (٣) اللسان، فقيل:


(١) انظر: المدونة:/ ٥٧٧.
(٢) في (ق ٥): (أقل).
(٣) في (ت): (نسق).

<<  <  ج: ص:  >  >>