باب فيمن أرسل في أرضه ماءً أو نارًا فأهلكت زرع غيره أو أهلكت ناسًا
وقال ابن القاسم فيمن أرسل في أرضه نارًا فأحرقت ما في أرض جاره، فإن كانت النار بعيدة أو حملها الريح فلا شيء عليه، وإن كانت قريبة ولا تسلم أرض جاره فهو ضامن، قال: وكذلك الماء، وإن أحرقت ناسًا في تلك الأرض كانت ديتهم على عاقلته، ووافقه أشهب في النار وخالفه في الماء، وقال: إن كان الماء يسير بالرد، فأغفل بتسريحه فهو ضامن، وإن كان خدمته الذين تولوا ذلك كان الضمان عليهم، وإن سرحه على احتياط، وفي تسريحه بالجسور فتحامل النار على تلك الجسور من غير خوف من المرسل، ولا في عمل الجسور فلا شيء عليه، وإن كانت أرض جاره مجسرة فتحامل الماء بريح أو بزيادة زادها الله -عز وجل- فيها فلا شيء عليه (١)، وأرى أن يعتبر في البئر مثل ذلك، فإن لم يكن في وقت إرسالها ريح فحدثت أو كانت فتغيرت إلى الناحية التي أحرقت فلا شيء عليه، وإن كانت الريح إلى تلك الأرض ضمن؛ لأن الشأن في الريح أنها تحمل النار، وإن بعدت إلا أن تكون بعيدة جدًا، وقوله: الدية فيمن مات، فإن ذلك في الموضع الذي يكون فيه الحكم غرم ما أفسد من تلك الأرض، وإن كان الحكم ألا غرم في الزرع لم يغرم ما هلك من الناس.