للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما

كتابُ الجهاد

باب في فرض الجهاد، وهل يتعيَّنُ القتالُ على من نزلَ به العدو؟ وهل يجب النصرُ على من قارب من نزل به عدوٌ؟

أول ما أُمرَ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغَ الرسالةَ- يدعو إلى الله -عز وجل-، ويبشر مَن أطاعه بالجنة، ويحذر من عصاه من النار من غير قتال، ثم أُذن له في القتال، ولم يؤمر به، ثم أمر بقتال من قاتله دون من لم يقاتله، ثم بقتال من يليه؛ قاتله أو لم يقاتله، ثم بقتال المشركين كافة، فقال -عز وجل- {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: ٤٥]. وقال: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: ٤٨]، وقال: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} [النحل: ٨٢]، وقال: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: ٢٢].

فكان الأمرُ على ذلك مقامه بمكة، ثم أُبيح القتال بعد الهجرة، فقال سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} [الحج: ٣٩، ٤٠].

وهذا قولُ أبي بكر وابن عباس وسعيد بن جبير والزهري؛ أنها أولُ آية نزلت في القتال (١). وقال: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} [البقرة: ١٩٠].


(١) انظر قول ابن عباس - رضي الله عنهما - والزهري، في سنن النسائي: ٦/ ٤١١، وتفسير الطبري: ٩/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>