للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب في العفو عن القاذف، ومن قذف غائبًا أو ميتًا ومن يقوم بحق الميت في ذلك من الأولياء

اختلف قول مالك في حد القذف هل هو حق لله، أو حق للمقذوف؟ فجعله مرة حقًّا للمقذوف (١)؛ فيجوز له أن يعفو عنه قبل بلوغ الإمام وبعده؟ ورآه مرة حقًا لله سبحانه، فلا يجوز له أن يعفو عنه لا قبل الإمام ولا بعده، إلا أن يعلم أنه أراد سترًا، وقال أيضًا: يجوز عفوه قبل ولا يجوز بعد إلا أن يعلم أنه أراد سترًا (٢)، وهذا راجع إلى القول أنه حق لله سبحانه، فيحمل عليه إذا عفا قَبْلُ على (٣) أنه أراد سترًا، ولا يجوز له ذلك بَعْدُ؛ لأن الغالب في من كان ذلك فيه أنه لا يرفع إلى الإمام، خوفَ أن يثبت عليه ما رمي به.

ولم يختلف أن عفوه جائز إذا أراد سترًا، وهذا يحسن فيمن لم يعرف بذلك وكان ذلك منه فلتة، وإن كان المقذوف على غير ذلك- لم يؤمر بالستر عليه.

ومن المدونة قال ابن القاسم في قوم شهدوا على رجل أنه قذف فلانًا، وفلان يكذبهم (٤) ويقول: لم يقذفني، قال: لا يلتفت إلى شهادتهم، وإن قام بهم ثم كذبهم- لم ينظر إلى قوله (٥)، وهذا راجع إلى القول أنه حق لله تعالى، فيحمل


(١) قوله: (فجعله مرة حقًّا للمقذوف) ساقط من (ف)، وقوله: (للمقذوف) في (ق ٦): (له).
(٢) انظر: المدونة: ٤/ ٤٨٨. وانظر: تفصيل الأقوال في النوادر والزيادات: ١٤/ ٣٦٨، والاستذكار: ٧/ ٥١٥.
(٣) قوله: (على) ساقط من (ق ٧).
(٤) في (ق ٧): (يصدقهم).
(٥) انظر: المدونة: ٤/ ٤٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>