للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في سقوط الجمعة عن الحاج]

ولا جمعة على الحاج، وهي السّنة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّهُ وَقَفَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَكَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَلَمْ يُجَمِّعْ" (١). والحاج على وجهين: مسافر، فالجمعة ساقطة عنه كان في حج أو غيره، ومن هو من أهل مني أو عرفة، فالجمعة ساقطة عنهم؛ لأنهم لو لم يكونوا في حج لم تجب عليهم الجمعة؛ لأنه ليس بقرار تجب في مثله الجمعة، وعلى ما قال مالك (٢): إن الجمعة تجب فيما كان شبيهًا بالأمصار؛ ولأن أسواقها أيام الحج خاصة، وقال مالك في المدونة: لا جمعة في أيام مني كلها, ولا يوم عرفة ولا يوم التروية, وقال فيمن قدم مكة, فأقام بها أربعة أيام قبل يوم التروية، ثم حبسه كريّه (٣) يوم التروية بمكة حتى يصلي أهل مكة الجمعة, قال: أرى عليه الجمعة؛ لأنه قد صار مقيمًا (٤). وقال محمَّد بن عبد الحكم: يلحق بالإمام، فإن أدرك الظهر بمنى، وإلا صلاها في الطريق أفضل من أن يصلي الجمعة بمكة.

قال الشيخ -رحمه الله-: أما من كان يقصر بمكة، ثم أدركه يوم التروية، فلا جمعة عليه، ويلحق بمنى، وأما من كان يتم؛ لأن نيته كانت إقامة أربعة أيام، فأدركه يوم التروية وهو موضع الخلاف، فرأى مالك أنه مقيم، فدخل في جملة من دخل في الجمعة، ورأى ابن عبد الحكم: أن سنة الحاج في ذلك اليوم أن تكون صلاته الظهر بمنى.


(١) أخرجه مسلم: ٢/ ٨٨٥، في باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، من كتاب الحج، برقم (١٢١٨).
(٢) انظر: المدونة: ١/ ٢٣٣.
(٣) أي: يمنعه من استأجره.
(٤) انظر: المدونة: ١/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>