للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو شجرة أو ما أشبه ذلك مما يقتدى به لموضعه كان تكاذبًا، وكان الأخذ بقول الجم الغفير والعدد الكثير أولى، وليس كذلك الشهادة على الفروج والدماء؛ لأنها شهادة واحدة، وإخبار عن أمر لم يشهده غيرهما فيدعي تكذيب ما شهدا به، ولو نزل مثل ذلك في القتل فشهد اثنان بالقتل وشهد عدد كثير بنفيه، لم يؤخذ بقول الشاهدين، إذا كانت الشهادتان عن موطن واحد.

[فصل إذا شهد شاهدان على الهلال]

وإذا شهد شاهدان على الهلال فأكمل عدة ذلك الشهر ثلاثين، والسماء مصحية فلم يروا شيئًا سقطت شهادتهما، ولم يعمل بها، ولم يصم الناس إن شهدا على هلال شعبان، ولم يفطروا إن شهدا على هلال رمضان، قال مالك: هؤلاء شهود سوء (١). يريد: أنه قد تبين كذبهم؛ لأن الهلال لا يخفى مع إكمال العدة؛ لأنها ليلة إحدى وثلاثين، وإنما يخفى ويدركه بعض الناس مع نقص الأول.

وقد قال يحيى بن عمر: إذا شهد شاهد على هلال رمضان، وآخر على هلال شوال لم يفطر الناس بشهادتهما (٢).

قال الشيخ - رضي الله عنه -: إن شهد الأول أنه رأى هلال رمضان ليلة الأحد، والآخر أنه رأى هلال شوال ليلة الاثنين لم تلفق الشهادتان؛ لأنهما لم يجتمعا على أن يوم الاثنين يوم فطر، والأول يقول: لا يكون يوم فطر إلا بنقص رمضان ولا علم عندي من نقصه، وإن شهد الثاني أنه رأى الهلال ليلة الثلاثاء وهو صحو لم يفطر الناس؛ لأن شهادة الأول سقطت وقد تبين أنه كَذب أو


(١) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٨.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>