للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في الجمع ليلة المطر]

اخْتَلَفَ قول مالك في الجمع بين المغرب والعشاء إذا كان المطر، فأجاز ذلك مرةً، وأن تقدم العشاء فتصلى قبل مغيب الشفق جماعة (١). فقدم فضل الجماعة على فضيلة الوقت. ومنع ذلك في "مختصر ما ليس في المختصر" وقال: لا يجمع بالمدينة إلا في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما مساجدها فلا.

وأرى أن الأصل إيقاع الصلوات في مواقيتها، ولا يستعمل خلاف ذلك إلا فيما جاء فيه العمل، وهو مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه، ولا يقاس عليه سائر المساجد؛ لأنها دونه في الفضل.

ويستخف فعل (٢) ذلك في المسجد الحرام، للاختلاف في قدر المساواة بينهما في الفضل. وإذا منع الجمع فإنه يجوز لمن عاد إلى بيته أن يصلي العشاء في بيته ويترك فضل الجماعة للضرورة في الرجوع، وذلك إذا حدث المطر والناس في بيوتهم قبل أن يأتوا لصلاة المغرب، وأنه يجوز لهم ألا يأتوا، ويتركوا الجماعة، وكذلك شدة الريح وشدة البرد، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنَّه إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ،- وفي حديث آخر: لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَرِيحٍ - يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ يَقُول: أَلاَ صَلُّوا فِي الرَحَالِ" (٣).


(١) انظر: المدونة: ١/ ٢٠٣.
(٢) في (س): (قدر).
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري: ١/ ٢٢٧، في باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة، من كتاب الأذان في صحيحه، برقم (٦٠٦)، ومسلم: ١/ ٤٨٤، في باب الصلاة في الرحال في المطر، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها، برقم (٦٩٧)، ومالك في الموطأ: ١/ ٧٣، في باب النداء في السفر وعلى غير وضوء، من كتاب الصلاة، برقم (١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>