للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاعتداء: قتال من لم يقاتل (١)، وقيل المراد: ألا تُقتل امرأة ولا صبيّ (٢).

والأولُ أحسنُ؛ لأن مفهوم الآية: أن يقاتلوا من كان منه قتال. وعلى التأويل الآخر، المعنى: من كانت له قدرة على القتال، وإن لم يقاتل. وهذا خروج عن الظاهر. ويدل على الأول قوله سبحانه: {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} [البقرة: ١٩١] يعني: أهل مكة، وقد كان منهم قتال.

وقال سبحانه: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} [النساء: ٩٠].

ثم قال: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} [النساء: ٩٠].

وقال في آخرين: {فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: ٩١].

قال ابن حبيب: نزلت في قتال من قاتل، دون من لم يقاتل (٣). وهو أحسن ما قيل فيها، وفيها اختلاف.

ثم أُمر بقتال من قَرُبت دارُه دون من بعدت (٤)، فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: ١٢٣].

ثم بقتال كافة المشركين، فقال: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦]


(١) انظر: تفسير الطبري: ٧/ ٦٦٣.
(٢) انظر: تفسير الطبري: ٢/ ١٩٥.
(٣) انظر: النوادر والزيادات: ٣/ ٣٥٥.
(٤) انظر: تفسير الطبري: ٦/ ٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>