للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: الدخول لقتال بوجه جائز، ذكره أبو الحسن ابن القصار، ودخول من يتكرر دخوله مثل الحطابين وأصحاب الفواكه وغيرهم ممن قرب من مكة، وكل هؤلاء يجوز أن يدخلوها حلالًا (١). والاستحباب: أن يأتي أول مرة محرمًا، فإذا تكرر منه بعد ذلك لم يكن علي شيءٌ.

والثالث: دخولها لتجارة أو لحاجة، فيختلف فيه على ثلاثة أقوال: فقال ابن شهاب (٢) وأبو مصعب: لا بأس أن يدخلها حلالًا (٣). وذكر أبو الحسن ابن القصار عن مالك أنه استحب أن يدخلها حرامًا، وإلى هذا يرجع قوله في المدونة؛ لأنه قال: إن فعل فلا هدي عليه (٤).

وذكر أبو محمد عبد الوهاب عنه أنه قال: عليه الدم (٥). وأرى أن الإحرام واجب عليه. واحتج من أباح ذلك بدخول النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح حلالًا. واحتج من منع ذلك بأن مكة كانت ذلك اليوم حلالًا لما أُبيحَ فيها القتال، قال: وهو معنى قوله تعالى: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} أنها كانت ذلك اليوم حلالًا، ثم عادت حرمتها بعد ذلك.

قال الشيخ - رضي الله عنه -: حديث ابن عباس - رضي الله عنه - يتضمن جواز الدخول حلالًا؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المواقيت: "لمِنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ" (٦) وعَلَّقَ الأمر بإرادة من أراد الدخول لحج أو لعمرة، ومن لم يرد ذلك فلا شيء عليه.


(١) انظر: المدونة: ١/ ٤٠٥.
(٢) في (ب): (أشهب).
(٣) انظر المدونة: ١/ ٤٠٧.
(٤) انظر: المدونة: ١/ ٤٠٥.
(٥) انظر: التلقين: ١/ ٨٠.
(٦) سبق تخريجه، ص: ١١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>