للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أذن السيد لعبده في الإحرام فأحرم لم يكن له أن يحله. وإن لم يحرم كان له عند مالك أن يمنعه الإحرام (١)، وليس بالبين؛ لأن السيد قد أسقط حقه في ذلك، وهو بمنزلة ما لو قال: أنت حر اليوم من هذا العمل. فإنه لا يستعمله فيه، وهو في الحج أبين؛ لما تعلق العبد في ذلك من طاعة الله تعالى وفكاك رقبته؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحَجُّ الَمْبرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ" (٢) فدخل في عموم هذا الحر والعبد، والفرض والتطوع، وإن أحرم بغير إذنه كان له أن يحلّه.

ويستحب للسيد ألا يحله إذا كان السيد محرمًا، كما كان استحب له أن يأذن له في الأول قبل أن يحرم.

واختلف إذا أحله في وجوب القضاء إذا أذن له بعد ذلك في الحج، أو عتق العبد، فقال ابن القاسم: يقضي إذا أذن له. وقال أشهب وسحنون: لا قضاء عليه. وهو أبين؛ لأن السيد قد رد إحرامه من أصله بحق تقدم العقد، وليس بمنزلة الفوات؛ لأن الفوت أمر طرأ على العقد بعد صحته، ثم لا يخلو العبد في الإحرام الذي أحله منه السيد من أربعة أوجه: إما أن يكون تطوعًا، أو منذورًا في حج لعام بعينه، أو منذورًا مضمونًا، أو نوى حجة الإسلام، وهو يظن أن ذلك عليه. فإن كان تطوعًا بغير نذر، أو نذر حج ذلك العام لم يلزمه القضاء إن أذن له السيد، أو أعتق في عام آخر.


(١) انظر: المدونة: ١/ ٤٩٠.
(٢) متفق عليه أخرجه البخاري: ٢/ ٦٢٩، ٩٨٣، في باب وجوب العمرة وفضلها، من كتاب الحج، برقم (١٦٨٣)، ومسلم: ٢/ ٩٨٣، في باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، من كتاب الحج في صحيحه، برقم (١٣٤٩)، ولفظ البخاري: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>