للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجزأته الإفاضة ويذبح، ويجري فيها قول (١) آخر: أنه يعيد.

واختلف إذا قدم الإفاضة على الحلاق، فقال مالك: يجزئه. وقال في كتاب محمد: قول ابن عمر أحب إليّ، فيحلق بمنى، ثم يعيد الإفاضة. فإن لم يعد أجزأه، وعلى قوله هذا يعيد من قدم الإفاضة على الذبح، وقد جاءت السنة في هذه الأربعة أن الترتيب فيها حسبما تقدم في أول الباب: الرمي، ثم الذبح، ثم الحلاق، ثم الإفاضة، وجاء القرآن بتقديم الذبح على الحلاق والإفاضة (٢) في قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦]. وكذلك قوله: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}. فيه: تقديم الذبح، ثم الحلاق والإفاضة. وجاءت السنة في التوسعة فيمن خالف ذلك وهو غير عالم، فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان في حجة الوداع يوم النحر بمنى، فجاء رجل، فقال: يا رسول الله، لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ فقال: "ارْمِ وَلاَ حَرَجَ". وقال آخر: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح؟ قال: "اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ". وقال آخر: أفضت إلى البيت قبل أن أرمي؟ قال: "ارْمِ وَلاَ حَرَجَ". قال: فما سئل عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: "افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ" اجتمع عليه البخاري ومسلم والموطأ (٣)، وبعضهم يزيد على بعض.


(١) قوله: (قول) ساقط من (ب).
(٢) قوله: (والإفاضة) ساقط من (ب).
(٣) متفق عليه, أخرجه البخاري: ١/ ٤٣، في باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها، من كتاب العلم، برقم (٨٣)، ومسلم: ٢/ ٩٤٨، في باب من حلق قبل النحر، من كتاب الحج، برقم (١٣٠٦)، ومالك: ٢/ ٣٨٥، في باب من قدم نسكًا قبل نسك, من كتاب الحج، برقم (٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>