فلم ير في القول الأول أن جهادَهم يتعينُ على من لقيهم وإن كان غالبًا؛ لأن قوله: إن طلبوا الشيء الخفيف أُعْطوه، دليلٌ على أنَّ المطلوبَ قادرٌ على الامتناع، ولو كان مغلوبًا لجاز أن يُعْطي الجميع.
ورأى في القول الآخر: أنَّ جهادهم يتعينُ على من لقيهم، وهو قول عبد الملك.
والمسألة على ثلاثة أوجه:
فإن كان المحاربون غير معروفين ولا مشهورين بذلك؛ لم أرَ أن يُباحَ قتالهم مع وجود السلامة منهم؛ لأنه متى ثبت قتلهم لهم، ولم تعلم (١) الحرابة من المقتولين؛ طلبوا بدمهم، إلا أن تكون ضرورة في الدفع عن أنفسهم.
وإن كانوا معروفين بالحرابة وممتنعين بموضع إن تركوا؛ ألجأوا إليه وتحصنوا به، ثم يعودون إلى أذى الناس؛ تعين قتالهم.
وإن كانوا غير ممتنعين ممن يريد قتالهم، ولا يخشى على الناس منهم، إلا أن يأذن الإمام لهم؛ ندبوا إلى قتالهم، ولم يجب، وذلك إلى الإمام.
(١) قوله: (لهم، ولم تعلم) يقابله في (ت): (ولم تعرف).